رسالة في التوسل والوسيلةالجزء الثالث عشر.
ابن تيمية
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
السؤال: رسالة في التوسل والوسيلةالجزء الثالث عشر.
الإجابة: وأولياء الله هم المؤمنون المتقون، وكراماتهم ثمرة إيمانهم وتقواهم،
لا ثمرة الشرك والبدعة والفسق.
وأكابر الأولياء إنما يستعملون هذه الكرامات بحجة للدين أو لحاجة للمسلمين.
والمقتصدون قد يستعملونها فى المباحات.
وأما من استعان بها فى المعاصى فهو ظالم لنفسه، مُتَعَدٍّ حد ربه، وإن كان سببها الإيمان والتقوى. فمن جاهد العدو فغنم غنيمة فأنفقها فى طاعة الشيطان، فهذا المال، وإن ناله بسبب عمل صالح، فإذا أنفقه فى طاعة الشيطان كان وبالا عليه، فكيف إذا كان سبب الخوارق الكفر والفسوق والعصيان وهى تدعو إلى كفر آخر وفسوق وعصيان ؟! ولهذا كان أئمة هؤلاء معترفين بأن أكثرهم يموتون على غير الإسلام. ولبسط هذه الأمور موضع آخر.
والمقصود هنا أن من أعظم أسباب ضلال المشركين ما يرونه أو يسمعونه عند الأوثان كإخبار عن غائب أو أمر يتضمن قضاء حاجة ونحو ذلك، فإذا شاهد أحدهم القبر انشق وخرج منه شيخ بهي عانقه أو كلمه، ظن أن ذلك هو النبى المقبور، أو الشيخ المقبور، والقبر لم ينشق، وإنما الشيطان مثّل له ذلك، كما يمثل لأحدهم أن الحائط انشق وأنه خرج منه صورة إنسان ويكون هو الشيطان تمثل له فى صورة إنسان وأراه أنه خرج من الحائط.
ومن هؤلاء من يقول لذلك الشخص الذى رآه قد خرج من القبر: نحن لا نبقى فى قبورنا، بل من حين يقبر أحدنا يخرج من قبره ويمشى بين الناس. ومنهم من يرى ذلك الميت فى الجنازة يمشى ويأخذ بيده، إلى أنواع أخرى معروفة عند من يعرفها.
وأهل الضلال إما أن يكذبوا بها وإما أن يظنوها من كرامات أولياء الله، ويظنون أن ذلك الشخص هو نفس النبى أو الرجل الصالح أو ملك على صورته، وربما قالوا: هذه روحانيته أو رقيقته أو سره أو مثاله أو روحه تجسدت، حتى قد يكون من يرى ذلك الشخص فى مكانين فيظن أن الجسم الواحد يكون فى الساعة الواحدة فى مكانين، ولا يعلم أن ذلك حين تصور بصورته ليس هو ذلك الإنسى.
وهذا ونحوه مما يبين أن الذين يدعون الأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وغير قبورهم، هم من المشركين الذين يدعون غير الله، كالذين يدعون الكواكب والذين اتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً، قال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 79، 80]، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}[الإسراء: 56، 57]، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ} [سبأ: 22، 23].
ومثل هذا كثير فى القرآن: ينهى أن يدعى غير الله لا من الملائكة ولا الأنبياء ولا غيرهم، فإن هذا شرك أو ذريعة إلى الشرك، بخلاف ما يطلب من أحدهم فى حياته من الدعاء والشفاعة فإنه لا يفضى إلى ذلك، فإن أحداً من الأنبياء والصالحين لم يعبد فى حياته بحضرته، فإنه ينهى من يفعل ذلك، بخلاف دعائهم بعد موتهم، فإن ذلك ذريعة إلى الشرك بهم، وكذلك دعاؤهم فى مغيبهم هو ذريعة إلى الشرك.
وأكابر الأولياء إنما يستعملون هذه الكرامات بحجة للدين أو لحاجة للمسلمين.
والمقتصدون قد يستعملونها فى المباحات.
وأما من استعان بها فى المعاصى فهو ظالم لنفسه، مُتَعَدٍّ حد ربه، وإن كان سببها الإيمان والتقوى. فمن جاهد العدو فغنم غنيمة فأنفقها فى طاعة الشيطان، فهذا المال، وإن ناله بسبب عمل صالح، فإذا أنفقه فى طاعة الشيطان كان وبالا عليه، فكيف إذا كان سبب الخوارق الكفر والفسوق والعصيان وهى تدعو إلى كفر آخر وفسوق وعصيان ؟! ولهذا كان أئمة هؤلاء معترفين بأن أكثرهم يموتون على غير الإسلام. ولبسط هذه الأمور موضع آخر.
والمقصود هنا أن من أعظم أسباب ضلال المشركين ما يرونه أو يسمعونه عند الأوثان كإخبار عن غائب أو أمر يتضمن قضاء حاجة ونحو ذلك، فإذا شاهد أحدهم القبر انشق وخرج منه شيخ بهي عانقه أو كلمه، ظن أن ذلك هو النبى المقبور، أو الشيخ المقبور، والقبر لم ينشق، وإنما الشيطان مثّل له ذلك، كما يمثل لأحدهم أن الحائط انشق وأنه خرج منه صورة إنسان ويكون هو الشيطان تمثل له فى صورة إنسان وأراه أنه خرج من الحائط.
ومن هؤلاء من يقول لذلك الشخص الذى رآه قد خرج من القبر: نحن لا نبقى فى قبورنا، بل من حين يقبر أحدنا يخرج من قبره ويمشى بين الناس. ومنهم من يرى ذلك الميت فى الجنازة يمشى ويأخذ بيده، إلى أنواع أخرى معروفة عند من يعرفها.
وأهل الضلال إما أن يكذبوا بها وإما أن يظنوها من كرامات أولياء الله، ويظنون أن ذلك الشخص هو نفس النبى أو الرجل الصالح أو ملك على صورته، وربما قالوا: هذه روحانيته أو رقيقته أو سره أو مثاله أو روحه تجسدت، حتى قد يكون من يرى ذلك الشخص فى مكانين فيظن أن الجسم الواحد يكون فى الساعة الواحدة فى مكانين، ولا يعلم أن ذلك حين تصور بصورته ليس هو ذلك الإنسى.
وهذا ونحوه مما يبين أن الذين يدعون الأنبياء والصالحين بعد موتهم عند قبورهم وغير قبورهم، هم من المشركين الذين يدعون غير الله، كالذين يدعون الكواكب والذين اتخذوا الملائكة والنبيين أرباباً، قال تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُؤْتِيَهُ اللّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُواْ عِبَادًا لِّي مِن دُونِ اللّهِ وَلَـكِن كُونُواْ رَبَّانِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتَابَ وَبِمَا كُنتُمْ تَدْرُسُونَ وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُم بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ} [آل عمران: 79، 80]، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُواْ الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلاَ يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلاَ تَحْوِيلاً أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}[الإسراء: 56، 57]، وقال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ وَلَا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ} [سبأ: 22، 23].
ومثل هذا كثير فى القرآن: ينهى أن يدعى غير الله لا من الملائكة ولا الأنبياء ولا غيرهم، فإن هذا شرك أو ذريعة إلى الشرك، بخلاف ما يطلب من أحدهم فى حياته من الدعاء والشفاعة فإنه لا يفضى إلى ذلك، فإن أحداً من الأنبياء والصالحين لم يعبد فى حياته بحضرته، فإنه ينهى من يفعل ذلك، بخلاف دعائهم بعد موتهم، فإن ذلك ذريعة إلى الشرك بهم، وكذلك دعاؤهم فى مغيبهم هو ذريعة إلى الشرك.