التعامل مع من يسب الإسلام
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: الأدب مع الله وكتابه ورسوله -
كيف أتعامل مع من يسب الإسلام لأني مرة من المرات أمرني الأستاذ أن أعطي رجلاً يسب الإسلام المذكرة فأعطيته، هل هذا العمل يعتبر فيه نوع من الحرمة أو الخروج من الإسلام؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقدْ أجْمع العُلماء على: أنَّ سابَّ الدين كافرٌ، مرتد عن دين الإسلام، سواءٌ كان مازحًا أم جادًّا، معتقدًا النقْص أم غير معتقدٍ، ما دام يقصِد الفعل؛ قال الله تعالى: {وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ . لاَ تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} [التوبة: 65 - 66]، وقال: {وَإِنْ نَكَثُوا أَيْمَانَهُمْ مِنْ بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ} [التَّوبة: 12].
قال ابنُ قُدامة: "ومَن سبَّ الله تعالى كفر، سواءٌ كان مازحًا أو جادًّا، وكذلك كلُّ مَن استهزأ بالله تعالى أو بآياته، أو بِرُسله، أو كتبه".
وسُئِل محمد عليش المالكي عنِ امرأةٍ سبَّت الملَّة، هل ترتدُّ؟ فقال: "نعم، ارتدَّت؛ لسبَب سبِّها الملَّة؛ لأنَّ السَّبَّ أشدُّ من الاستِخْفاف، وقد نصُّوا على أنَّه ردَّة، فليَكُن السبُّ ردَّة بالأولى".
وفي فتاوى اللَّجنة الدائمة للبحوث: "سبُّ الدين -والعِياذ بالله- كفرٌ بَواح؛ بالنَّصِّ والإجماع".
وقال الشيخ عبدالعزيز بن باز - كما في مجلة الفرقان الكويتية، العدد(94)-: " ... وهكذا إذا سبَّ الدِّين، أو سبَّ الرَّسول، أوِ استهزأ بالله ورسولِه، فإنَّ ذلك كفرٌ عمليٌّ أكبرُ عند جَميع أهل السُّنَّة والجماعة".
وقال: "سبُّ الدين من أعظم الكبائر، ومن أعظم المنْكَرات، وهكذا سبُّ الرَّبِّ -عزَّ وجلَّ- وهذان الأمْران من أعظم نواقِض الإسلام، ومنْ أسباب الردَّة عن الإسلام".
وقال العلاَّمة عبد المجيد سليم -شيخ الأزهر الأسبق-: "نفيد بأنَّ مَن قال هذه الجملة الخبيثة المذْكورة –"يلْعَن دين النبيّ الذي زرته"- فهو كافرٌ، مرتدٌّ عن دين الإسلام، بلا خلاف بين أئمَّة المسلمين؛ والأمر في ذلك ظاهرٌ لا يَحتاج إلى بيان".
والواجب على من وقع في هذا الناقض: التوبة النصوح إلى الله تعالى، وأن يشهد الشَّهادتيْن، وأن يُكثِر من الاستغْفار والعمل الصالح؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ لاَ يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلاَ يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ العَذَابُ يَوْمَ القِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} [الفرقان: 68-70].
أما التعامل مع مَن يسبُّ الإسلام بالأخذ والإعطاء ونحوه، فلا شيء فيه إن كان لحاجة، وأما إن كان فيه إعانة له كما يظهر من السؤال، فهذا لا يجوز إلا بقصد دعوته وتأليف قلبه، فإنه يجب نصح ذلك الشخص، وأن يُبين له خطورة فعله، وأنه إن مات على ذلك كان مخلدًا في النار،، والله أعلم.