طلاق من لا تمنع يد لامس
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: قضايا الزواج والعلاقات الأسرية -
أريد أن تُفيدوني بِجوابٍ عن زوجةٍ تَزني عند غياب زوجها، ولما علم بالأمر طَلَب منها أن تتوب مِما فعلت ويَسترها خوفًا من الفضيحة وتفكك الأسرة المتكوّنة والأولاد، أو ماذا كان يفعل؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ الزنا ذنبٌ عظيمٌ وجُرْمٌ شنيعٌ، ووقوع ذلك منِ امرأةٍ متزوّجة -قد أغناها الله تعالى بالحلال عن الحرام- أشدُّ جرمًا وخيانة في حقّ الله تعالى، وقد بيَّنَّا عقوبة الزِّنا في فتوى "السفر للترخص في الزنا" فلتراجع.
والواجب على هذه المرأة أن تتوبَ إلى الله تعالى توبةً صادقةً مما وقعتْ فيه، وراجع الفتوى: "التوبة من الزنا".
وأمَّا الزَّوج فإنْ غلَبَ على ظَنِّه صدْقُ توبةِ زوْجَتِه ورجوعها إلى رُشْدِها، وظهور آثار الاستِقامة والطاعة عليها، فالأولى له حينئِذٍ أن يُبْقِيها في عصمته، لاسيَّما إذا كان القصْدُ من ذلك مصلحة الأولاد، وأمَّا إن رأى أو غلب على ظنّه عدمُ صدق توبَتِها، فالأولى له حينئذٍ أن يُطَلِّقها حفاظًا على عِرضه وطلباً لسلامةِ فِراشه وحتى لا تدخل عليه في ذريته ما ليس منه؛ فقد جاء رجلٌ لِرسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو له حالَ زوجتِه، فقال: يا رسول الله، إنَّ امرأتي لا ترُدُّ يدَ لامس، وفي رواية "لا تمنع يد لامس" فقال له صلى الله عليه وسلم: "غرّبها" أي: طلِّقها (رواه أبو داود والنَّسائي).
وننبِّه إلى أنَّه ينبغي للزَّوج في حال إمساك زوجته أن يكون عونًا لها على البِرّ والتَّقوى، وأن يَجتَهِد في تَحصيل أسباب العَفاف لزوْجته, ومن ذلك أن لا يَغيب عن زوجته أكثرَ من أربعة أشهُر، كما لابد أن يعلَم أنَّ المتعيّن في حقّه أن يأمر زوجتَه بالمعروف وينهاها عن المنكر؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ} [التحريم: 6]، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "كلُّكم راعٍ وكلّكم مسؤول عن رعيَّتِه، فالإمامُ راعٍ ومسؤولٌ عن رعيَّته، والرَّجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيَّته" (متَّفق عليه).
فعليْهِ أن يُلْزِم زوجَته بالفرائض، ومن ذلك إلزامُها بالحجاب الشرعي، وأن يُحْضِر لها الأشرطة الدينيَّة النافعة، لتَقْويم شخصيَّتِها وتبنيها بناءً إسلاميًّا، وأن يُعينَها على الهداية بتوفير البيئة الصالحة كطهارةِ البيت من المحرَّمات كالغِناءِ السَّافل والمُسلْسلات الخليعة، ومُصاحبة الفاسدات، وأن يَجعل بيتَهُ عامِرًا بِذِكْر الله تعالى.
ولا بأسَ من أن يأخذ بعض التدابير الواقية من وُقوعِها في الزنا في المُسْتقْبل، مثل عدَمِ تَمكينِها منِ استِخْدام الهاتِف إلا بضوابِطَ، وعدَم تَمكينِها من الخروج بِمُفْردِها، ومراقبة بعض تصرفاتها دون أن تشعر.
وعليْهِ بسؤال الله عزَّ وجلَّ أن يُصْلِحَ له زوْجَه، وأن يَرْزُقَه السَّعادة في الدنيا والآخرة،، والله أعلم.