حكم زكاة الآلات؛ كالسيارة المعدَّة للاستعمال ونحوها

منذ 2013-02-01
السؤال:

أمتلك سيارة وأعمل عليها وما تَحصَّل من مال للمصروف اليوميّ، السؤال: هل يوجد على هذه السَّيَّارة زكاة مال؟

هل المال المكنوز المزكَّى عنه يَجوزُ الزَّكاة عنه مرة أخرى في العام الثاني مع العلم أنَّ المال المكنوز لم يزد؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقد ذهب عامة الفقهاء أنه لا زكاة في آلات العمل؛ لأنها من الحاجات الأصلية قال في "البحر الرائق": "وشرط فراغه عن الحاجة الأصلية؛ لأن المال المشغول بها كالمعدوم وفسرها في شرح المجمع لابن الملك بما يدفع الهلاك عن الإنسان تحقيقا أو تقديرا فالثاني كالدين والأول كالنفقة ودور السكنى وآلات الحرب والثياب المحتاج إليها لدفع الحر أو البرد وكآلات الحرفة وأثاث المنزل ودواب الركوب وكتب العلم". ا هـ.

وعليه؛ فلا زكاة على السيارة التي تعمل عليها، وإنَّما الزَّكاة في الربح الذي تَحصل عليه من عملك عليها بِشرطين:

الأول: أن يبلُغَ نِصابًا بنفسه، أو بضمِّه إلى غيرِه من مالٍ تَملكُه.
ونِصاب الزكاة هو ما يُعادِلُ قيمةَ 85 جرامًا من الذَّهب، أو خَمسمائةٍ وخَمسةٍ وتِسعين جرامًا من الفِضَّة، والقَدْرُ الواجب إخراجُه هو ربع العشر أي 2.5%.

الثَّاني: أن يَحُولَ عليه الحَوْل.
أمَّا المال المكنوز، فيَجِبُ تَزْكيتُه كيفما أُمسكَ للنماء أو للنفقة ما دام بالغًا للنّصاب عن كلّ عام؛ لأن الأمر في إيجاب الزكاة يفيد التكرار مع مضي السنين، فلِلْمُسلم أن يَقتنِي ويدَّخِر ما شاء من المال المُباح ما دام يؤدّي حقَّ الله تعالى فيه، ومعلومٌ أنَّ الزَّكاة من الواجبات التي تتكرَّر في كلّ عامٍ ما دام وُجِدَ سببُها -وهو النِّصاب- وإلا دخل صاحبُ الكَنْزِ في الوعيد الوارد في قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [التوبة: 34].

وروى مسلم أبي هُريرة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "ما من صاحبِ كنْزٍ لا يؤدّي زكاتَه إلا أحْمِي عليه في نار جَهنَّم فيُجْعَل صفائحَ فيكوى بِها جَنْباه وجبينُه حتَّى يَحكم الله بين عبادِه فى يوم كان مقدارُه خَمسين ألف سنة، ثُمَّ يُرى سبيلَه إمَّا إلى الجنَّة وإمَّا إلى النَّار، وما من صاحِبِ إبلٍ لا يؤدي زكاتَها إلا بُطِحَ لَها بقاعٍ قرقرٍ كأوْفَر ما كانت تستنّ عليْهِ، كلَّما مضى عليه أُخْراها ردَّت عليه أُولاها حتَّى يَحْكُم الله بَيْنَ عبادِه في يوم كان مقدارُه خَمسين ألفَ سنة، ثُمَّ يرى سبيلَه إمَّا إلى الجنَّة وإمَّا إلى النَّار، وما من صاحِبِ غَنَمٍ لا يؤدّي زكاتَها إلا بُطِحَ لَها بقاعٍ قرقرٍ كأَوْفَر ما كانَتْ فتطؤُه بأظلافِها وتنطَحُه بقُرونِها ليس فيها عقصاءُ ولا جلحاءُ، كلَّما مضى عليه أُخْراها ردَّت عليه أُولاها حتَّى يَحكم الله بين عباده في يومٍ كان مقدارُه خَمسينَ ألف سنةً مِمَّا تعدّون، ثُمَّ يُرى سبيلَه إمَّا إلى الجنَّة وإمَّا إلى النَّار".

فإذا أُدِّيَتْ زكاةُ الكنز - كلَّ عام- فليس على صاحبِه بأسٌ إن شاء الله؛ فعنِ ابن عمر قال: "كلُّ ما أديت زكاته وإن كان تَحْتَ سبْعِ أرَضينَ فليسَ بكنز، وكلُّ مالٍ لا تؤدَّى زكاتُه فهو كنزٌ وإن كان ظاهرًا على وجه الأرض" (رواه البيهقي).

قال في "عون المعبود": قال القاضي عياض: "اختلف السلف في المُراد بالكنْزِ المذكور في القُرآن وفي الحديث؛ فقال أكثرهم: هو كل مالٍ وَجَبَتْ فيه صدقةُ الزَّكاة فلم تُؤَدَّ، فأمَّا مالٌ خَرَجَتْ زكاتُه فليس بكَنْزٍ، واتَّفق أئمَّة الفتوى على هذا القَوْلِ؛ لقوله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في الحديث السابق: "لا يؤدّي زكاتُه"، وفي صحيح مسلم: "من كان عنده مال لم يؤد زكاته"،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 4
  • 1
  • 110,840

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً