الحديث مع الفتيات بكلام غير فاحش

منذ 2013-02-16
السؤال:

لقد تعرَّفتُ على فتاةٍ عن طريق أحد المُنْتديات، وقُمْتُ بإضافتِها إلى قائمة الماسنجر، وأصبحتُ أتواصل معها كتابيًّا عن طريق الماسنجر بشكل شبه يومي، وأعتبرها مثل أختِي، نتحدَّث في المواضيع العامَّة، ولا يَجري بيننا أي كلام فاحش أو خادش للحياء، علمًا أنَّ الفتاة تقطُن في بلدٍ غير البلد الذي أقطن فيه، والمسافة بعيدة.

هل في هذا التَّواصُل شيء؟ ولا أعلم إذا كان هذا التَّواصُل ضمن المباح أو غير المباح؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه، ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فقدْ سبقَ الجوابُ في الفتويين: "حكم الدردشة مع الجنس الآخر"، "الحوار بين الرجال والنساء في المنتديات". 

وبالرجوع للفتويين المحال عليهما، يتبين أن: إنشاء علاقة بين الجنسين عبر الماسنجر لا يخلو من مفاسد كثيرة في الدين والدنيا؛ ومن ثمة: يجب عليك الإسراع بقطع تلك العلاقة، ولتسدَّ على قلبِك أبوابَ الفِتَن؛ فإنَّ القلب ضعيفٌ، وفتنةَ النّساء لا يقوم لها شيء، ولا ينفع معها إلا الفرار؛ ففي الصَّحيحَيْن، عن أسامة بن زيد رضي الله عنْهما عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: "ما تركتُ بعدى فتنةً أضرَّ على الرِّجال من النساء".

ولتعلمْ أنَّ القلب ضعيف، وأنَّ مَن تعرَّض للفتن أو تطلَّع إليها، أهلَكَتْه بشَرِّها؛ ففي الصحيحَيْن، أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم: "ستكون فِتنٌ، القاعدُ فيها خيرٌ من القائم، والقائم فيها خيرٌ من الماشي، والماشي فيها خيرٌ من الساعي، ومن تَشَرَّف لها تسْتَشْرِفْه، ومن وجد ملجأً أو مَعاذًا فليعُذ به".

وروى أحمدُ، عن النَّوَّاس بن سَمعان، عن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم قال: "ضرَبَ الله مثلاً صِراطًا مُستقيمًا، وعلى جَنَبَتَيِ الصِّراط سوران، فيهما أبوابٌ مفتحة، وعلى الأبواب ستور مُرْخاة، وعلى باب الصراط داعٍ يقول: يا أيُّها الناس، ادْخُلوا الصِّراط جميعًا، ولا تتفرَّجوا، وداعٍ يدعو من جوف الصِّراط، فإذا أراد أن يَفتح شيئًا من تلك الأبواب، قال: ويْحَك، لا تَفتحه؛ فإنَّك إن تَفْتَحْهُ تَلِجْه، والصِّراط: الإسلام، والسوران: حدود الله تعالى، والأبواب المفتحة: محارِمُ الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط: كتابُ الله - عزَّ وجلَّ - والداعي من فوق الصراط: واعِظُ الله في قلبِ كلِّ مسلم".

ولا تَغْتَرَّ كثيرًا، وتَرْكَنْ لقولك: إنها أختِي، نتحدَّث في المواضيع العامَّة، ولا يَجري بيننا كلام فاحش أو خادش للحياء، وأنها من غير بلدك؛ فإن الشيطان يفتح عليك تلك الأبواب في البداية، ثم يُسْلمك للحرام المحض؛ كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: 21]

واعلم أن ميل الرجل للمرأة يدفع إليه شهوة عنيفة؛ ولذلك لم يحرم القرآن الكريم الزنا فحسب، بل حذر من مجرد مقاربته؛ فقال سبحانه: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا} [الإسراء: 32]، وهي مبالغة في التحرز.

قال الأستاذ سيد قطب رحمه الله في الظلال: "... ومِن ثَمَّ؛ يأخذ الإسلام الطريق على أسبابه الدافعة؛ تَوَقِّياً للوقوع فيه، يَكره الاختلاط في غير ضرورة، ويُحَرِّم الخلوة، وينهى عن التَّبَرُّجِ بالزينة، ويَحَضُّ على الزواج لمن استطاع، ويُوصي بالصوم لمن لا يستطيع، ويَكره الحواجز التي تمنع من الزواج؛ كالمغالاة في المهور، وينفي الخوف من العَيْلَة والإملاق بسبب الأولاد، ويحض على مساعدة من يبتغون الزواج؛ ليُحَصِّنوا أنفسهم، ويُوقِعُ أشد العقوبة على الجريمة حين تقع ، وعلى رمي المحصنات الغافلات دون برهان .... إلى آخر وسائل الوقاية والعلاج؛ ليَحْفظ الجماعةَ الإسلامية من التردي والانحلال".

ولتحذَرْ أن تُعاقَب نساؤُك بِمِثل ما تصنع؛ لأن القاعدة أن الجزاء من جنس العمل، وما أظنك ترضى لهنَّ أن يتحدَّثن مع الرِّجال الأجانب ولو بكلام غير فاحش،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 61
  • 15
  • 177,577

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً