أحكام وضوابط فترة الخطوبة
أنا مقبلٌ على فترة خطوبة قد تستغرق أكْثَرَ من 5 أشهُر، أريد أن أَعْرِف ما لي وما عليَّ أن ألتَزِمَ بِه في هذه الفترة، وكيفية رؤية العروس والتَّحدُّث معها، أنا أعرِفُ أنِّي أجنبيّ عنها ولكنْ أُريدُ فَقَطْ أن أَعْرِفَ ما أَقصى المسموحِ به إن كان هناك مثل ذلك... ونصائح عامَّة عن النِّكاح: مُعاملة الزَّوجة لِزوجها والعكس...
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإذا كان الخطيبانِ في فترة الخطوبة، ولم يُعْقَد بيْنَهُما النِّكاح، فهُما أجنبيَّان عن بعضِهِما، فلا يَراهَا ولا تراهُ إلاَّ لحاجة وبِحضرة أحَدِ مَحارِمِها؛ لأنَّه لا يَجوزُ لَهُما الخلوة، ولا الخروجُ، ولا التَّكلُّم بِعباراتِ الحُبِّ والغَزَل.
لمزيد فائدة راجع الفتوى: "إطالة مدة الخطبة للحاجة المادية".
أمَّا إذا تكلَّم الخاطب مع مَخطوبته كلامًا فيه مصلحة، فهذا لا مانعَ منه ما لم يتجاوَزْ حدود الحاجة المقصودة، وبِضوابطَ شرعيَّةٍ، ومنها:
1- أن لا يتجاوز الكلامُ قدرَ الحاجة.
2- أن لا تكون هناك خلوة.
3- أن لا يحدث بينهما مُصافحة وغيرها.
4- الالتزام بغضّ البصر بين الطرفيْنِ.
5- أن لا تكون هناك رِيبةٌ وشهوةٌ في قلبَيْهما أو أحدهما.
6- أن لا يكونَ من المرأة خضوعٌ بالقول.
7- أن تكون المرأةُ بكامِلِ الحِجابِ والحِشمةِ، أو يخاطبها من وراء حجاب.
فإذا تحققت هذه الشروط، وأُمِنَتِ الفتنةُ فلا بأس من حديثِكَ معها.
وليعلمْ أنَّ التَّساهُل في كلام الخاطب مع مخطوبته، أوِ التخلّي عن أيٍّ من الضوابط السابقة ذريعةٌ إلى الفاحشةِ والفسادِ، وقد يُفْضِي إلى ما لا تُحمَدُ عُقباهُ من الوقوع في كبائر الذنوب؛ والواقع خير شاهد على ذلك. نسأل اللهَ العافيةَ.
واعلم أنَّ أهمَّ ما تُبْنَى عليْهِ الأُسْرةُ وتَسْعَدُ به هو أن يَقُومَ كُلٌّ منَ الزَّوجَيْنِ بِما عليه من حُقوقٍ تِجاه الآخر، فعلى الزوجة أن تُطيع زوْجَها، ما لم يأمُرْها بِمعصية اللهِ تَعالَى، كما يَجِبُ على الزَّوْجِ أن يُعاشر زوْجَتَهُ بِالمعروف، وأن لا يكَلِّفها ما لا طاقَةَ لها به، ولْيعلمْ أنَّها أمانةٌ عِنده، وأن يَكونَ صبورًا واسعَ الصدر، عظيمَ الحِلم، بَشوشًا خلوقًا، يُعطي ما عليه من الحُقُوق ويَطلُب ما له من حُقوقٍ بِرِفْقٍ ولِين، وأن يَغُضَّ الطرف عن الهَفَوات والزَّلاَّت ويتغافَلَ قَدْرَ المُستطاع، إلاَّ ما كان من حُقوق اللَّه عزَّ وجلَّ.
ولْيَتَذَكَّرْ قولَ النَّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "خيْرُكم خيرُكم لأهْلِه، وأنا خيْرُكم لأهلي" (رواهُ التِّرمِذِيُّ وابْنُ ماجه وصحَّحه الألبانيُّ).
وأيْضًا فَعَلَى الزَّوجةِ طاعةُ زوجِها في المعروف، ولتعلمْ أنَّ حقَّهُ عليْهَا عظيم؛ ففي سُنَن ابن ماجه عن عبدالله بْنِ أبِي أوفَى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو كنتُ آمِرًا أَحَدًا أن يَسْجُدَ لِغَيْرِ الله لأمَرْتُ المَرْأَة أن تَسْجُدَ لِزَوْجِها، والَّذِي نَفْسُ مُحمَّد بِيَدِه، لا تُؤَدِّي المرأة حقَّ ربِّها حتَّى تؤدِّي حقَّ زوْجِها، وَلَوْ سأَلَها نَفْسَها وهِيَ على قَتَبٍ لَم تَمنعه".
ولْتعلم أنَّهُ أَمْلَكُ بِها من كلِّ أحد، ولِذا كان حقُّه عليْها أَوْجَبَ من حق والديها، ولْتَعْلَمْ أنَّها راعيةٌ في بَيْتِ زوْجِها ومسؤولةٌ عن رعيَّتِها، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "والمرأة راعية في بيت زوجها ومسؤولة عن رعيتها" (رواهُ البُخاريُّ ومسلم).
وإليْكَ أخي بعض الأمور التي يُمكِنُك أن تَنْتَفِع بِها، وتسيرَ عليها بعد الزواج إن شاء الله ومِنها:
1- إرشادُ الزَّوجَةِ إلى فِعْلِ الفَرَائِضِ وإتْباعِها بالنوافِل؛ فَقَدْ أثْنَى الله على نبيِّه إسماعيلَ بِقوله: {وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عَندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} [مريم: 55].
2- تَعليم الزَّوْجَةِ الأخلاقَ الحَسَنة سُلوكيًّا ونَظَرِيًّا، وتصحيح ما تقع فيه من أخطاء بِرِفْقٍ ولين.
3- إعْلام الزَّوجَةِ بِحُقوقِ الزَّوجِ عَلَيْها، وحُقوقِها لَدَى الزَّوْجِ من خِلال القُرآنِ والسُّنَّة.
4- دِراسة الأَحْكام الشرعيَّة المتَّصلة بكافَّة أنواعِ العِلاقات بين الرجل وزوجته؛ لِيَكُونَ كُلُّ واحدٍ منَ الزَّوجَيْنِ على بيِّنةٍ من أَمْرِه.
ولِمزيدِ فائدةٍ راجعْ الفتوى: "المداعبة بين الزوجين".
كما يُمكِنُك قِراءة كتاب "أحكام الزفاف" للشيخ الألباني، "والمفصل في أحكام المرأة والأسرة المسلمة" للدكتور عبدالكريم زيدان،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: