تكرار الاستخارة ما لم يحصل انصراف للقلب
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الصلاة - الذكر والدعاء -
صلَّيتُ صلاة استِخارة من أجْل شِراء سيَّارة، وعند الذَّهاب لإتْمام صفقة الشِّراء فَقَدَ صاحبُ السيَّارة رخصةَ السيَّارة، فلم يتمَّ البيعُ وحَمدت الله. ثمَّ ذهبت في سفَر لمدَّة شهر ونصف، ورجعت من السَّفر وأريد شِراء نفس السيَّارة، فهل أصلِّي صلاة استِخارة جديدة أم أبتعِد عن شرائِها تمامًا مكتفيًا بِنتيجة صلاة الاستِخارة السَّابقة؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّه يَجوز تكْرار صلاةِ الاستخارة؛ لأنَّ صلاةَ الاستِخارة وما يتْبَعُها من دعاء، إنَّما شُرِعَت طلبًا للخيرة منه سبحانه فإذا لَم يَحصُل للمُسْتخير انشِراح وطُمَأْنينة فيما اسْتخار اللهَ فيه، كرَّر ذلك حتَّى يَحصل له الانشِراح والطُّمَأْنينة، أو الانصراف عما استخار عليه.
قال العيْني: "ذِكْرُ ما يستفاد من هذا الحديث: فيه استِحباب صلاة الاستِخارة، والدُّعاء الوارِد بعدها في الأمور التي لا يَدْري العبدُ وجه الصواب فيها، أمَّا ما هو معروف خيرُه -كالعِبادات وصنائع المعروف- فلا حاجةَ للاستِخارة فيها، نعم قد يُستخار في الإتْيان بالعبادة في وقتٍ مخْصوص، كالحجِّ مثلاً في هذه السَّنة؛ لاحتمال عدوٍّ، أو فتنة، أو حصَرٍ عن الحج، وكذلك يَحسن أن يُستخار في النَّهي عن المنكر؛ كشخصٍ متمرِّدٍ عاتٍ يُخْشَى بنهيه حصول ضرر عظيم، عام أو خاص.
فإن قُلْتَ: هل يُستحبُّ تكْرار الاستخارة في الأمر الواحد، إذا لم يظْهر له وجهُ الصَّواب في الفعل أو التَّرك، ولم ينشرح صدره لما يفعل؟ قلتُ: نعم، يُستحب تكْرار الصَّلاة والدّعاء لذلِك". اهـ من "عمدة القاري".
قال في "تُحفة الأحوذي": "وهل يستحبُّ تكْرار الصَّلاة والدّعاء، وفي الأمر الواحد، إذا لم يظهر له وجه الصَّواب في الفعل أو الترك ممَّا لم ينشرح له صدره؟ قال العراقي: الظَّاهِر الاستِحْباب". اهـ.
وعليه، فإن كانت رغبتك في شراء تلك السيارة باقية، ولم تشعر بالانصراف عنها، فلا بأس من تكْرار الصَّلاة والدّعاء، وأما إن كان حدث لك انصراف عن الشراء، بعد الاستخارة في المرة الأولى، فابتعد عن تلك السيارة؛ لأن الانصراف أمارة على صدق الاستخارة في عدم الشراء،، والله أعلم.