سفر المرأة للعمرة بغير محرم

منذ 2013-03-05
السؤال:

أنا بنتٌ أعمل في إحدى الصيدليَّات، حصلتُ على فرصة ذهبيَّة طالما حلمتُ بها؛ وهي الذهاب للعمرة، لكن لا يستطيع أيّ أحد من أقاربي الذَّهاب؛ أي: محارمي. ماذا أفعل؟ هل يجوز أن أذهب مع أحد الجيران الَّذي يصحب محارِمَه، وأنا أكون بِصحبة النِّساء؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّه لا يجوز للمرأة أن تسافر بمفردها؛ لقولِه صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا يحلُّ لامرأةٍ تؤْمن بالله واليوم الآخِر أن تُسافِر مسيرة يوم وليلة إلاَّ مع ذي محرم عليها" (رواه البخاري ومسلم)، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: "لا يخلونَّ رجُل بامرأة إلاَّ ومعها ذو محرم، ولا تسافِر امرأة إلا مع ذي محرم"، فقام رجل فقال: يا رسول الله، إن امرأتي خرجتْ، وإني اكتتبتُ في غزوة كذا وكذا، فقال: "انطلق فحجَّ مع امرأتك" (رواه البخاري ومسلم).

وراجعي الفتوى: "تحريم سفر المرأة من غير محرم". 

وقد أباح بعض الفُقهاء كالمالكيَّة والشَّافعيَّة سفر المرأة المأمونة مع الرِّفقة الآمنة في الحجِّ دون محرم؛ لأنَّه فرض، فأقاموا الرفقة في هذا مقام المحرَم، أمَّا العمرة، فغير واجبةٍ على الرَّاجح من أقوال أهل العلم.

قال في "مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل": "وأمَّا العُمْرَةُ، فَهي سُنَّةٌ مُؤَكَّدةٌ مَرَّةً في العُمْر، وأطْلَقَ المُصَنِّفُ رحِمَه اللَّهُ في قَوْلِه: إنَّهَا سُنَّةٌ مَرَّةً في العُمْرِ، ولا بُدَّ مِنْ زِيَادَةِ كَوْنِها مُؤَكَّدَةً كَمَا صَرَّحَ بِه غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أهْلِ المَذْهَب، قَال في "الرِّسالَة": والعُمْرةُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدةٌ مَرَّةً في العُمْر، وقالَ في النَّوادِر: قالَ مَالِكٌ: العُمْرةُ سُنَّةٌ وَاجِبةٌ كَالوِتْرِ، لا يَنْبَغِي تَرْكُها". اهـ.

وعليه؛ فلا يَجوز لكِ السَّفر للعمْرة بغيْر محْرم، ولا يَكْفِي السَّفر مع مَجموعة من النِّساء، وعسى الله أن يكتُب لك أجْر العمرة كاملاً بالنّيَّة الصَّادقة؛ فمِن قواعد الشَّريعة المقرَّرة: أنَّ من عزم على عبادةٍ عزْمًا أكيدًا ثمَّ حِيل بينه وبينها، كُتِب له الأجر كاملاً؛ عن أنسٍ رضي الله عنْه: أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان في غزاة فقال: "إنَّ أقوامًا بالمدينة خَلْفنا، ما سلكْنا شعبًا ولا واديًا إلاَّ وهم معنا فيه؛ حبسهم العذر" (متَّفق عليه)، وفي الصَّحيحين من غيرِ وجْه عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال: "مَن همَّ بِحسنة فلم يعملْها، كُتِبتْ له حسنة".

وروى أحْمد والتِّرْمذي عن أبي كبشةَ الأنْماري: أنَّه سمِع رسولَ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم يقول: "ثلاثةٌ أُقْسم عليهنَّ، وأحدِّثكم حديثًا فاحْفظوه، قال: ما نقص مالُ عبدٍ من صدقة، ولا ظُلِم عبدٌ مظلمة فصبر عليْها إلاَّ زاده الله عزًّا، ولا فتح عبدٌ بابَ مسألة إلاَّ فتح الله عليْه باب فقر -أو كلمة نحوها- وأحدِّثكم حديثًا فاحفظوه، قال: إنَّما الدّنيا لأربعة نفَر: عبد رزقَه الله مالاً وعلمًا، فهو يتَّقي فيه ربَّه، ويصِل فيه رحمه، ويعلم لله فيه حقًّا، فهذا بأفضل المنازِل، وعبد رزقَه الله علمًا ولم يرزقْه مالاً، فهو صادق النيَّة يقول: لو أنَّ لي مالاً، لعمِلْت بعمل فلان، فهو نيَّته، فأجرهما سواء..." الحديث.

وفي صحيح البخاري عنْه أنَّه قال: "إذا مرِض العبد أو سافرَ، كُتِب له من العمل ما كان يعملُه وهو صحيح مقيم"،، والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 19
  • 5
  • 118,549

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً