أخذ الأجرة على كفالة العمال
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه المعاملات - الواقع المعاصر - استشارات تربوية وأسرية -
اشترطت على العمَّال نقلَ كفالتِهم، ولكِن لَم تُنقل كفالتهم، فقلت: أعطوني 200 ريال شهريًّا، فوافقوا عليْه، فما حكم ذلك؟
مع العلم أنَّ العرف بين العمَّال 200 ريال شهريًّا، ومع العلم أن العمَّال يسهَّل لهم العمل وخدماتهم.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإنَّ الأصل في الكفالة أنَّها من عقود التبرُّع وفعل المعروف، وقد قرَّر الفُقهاء عدم جواز أخْذِ العِوَض على التبرُّعات -ومنها الكفالة- لأنَّه في حالة أداء الكفيل مبلغَ الضَّمان يشبه القرْض الَّذي جرَّ نفعًا على المقرِض، وذلك ممنوع شرعًا.
أمَّا إذا أخذ الكفيل أيَّ مصاريفَ يتكفَّل بدفعِها، وما يُنْفِقه من مال على استِخراج الأوراق اللازمة ابتِداءً كالتَّأشيرة، واستِمْرارًا كالتَّجديد وغيره، أو ما يُساوي أجرة المثل، إن كان يبذُل مجهودًا أو ما شابه - فجائز، ولا يجوز الزِّيادة على ذلك بقصْدِ الرِّبْح من كفالته.
قال الدسوقي في حاشيته على "الشَّرح الكبير": "سئل أبو عبدالله القوري عن ثمن الجاه؟ فأجاب بما نصُّه: "اختلف علماؤُنا في حكم ثمن الجاه، فمن قائلٍ بالتَّحريم بإطلاق، ومن قائلٍ بالكراهة بإطلاق، ومن مفصِّل فيه، وأنَّه إن كان ذو الجاه يَحتاج إلى نفقةٍ وتعبٍ وسفرٍ، فأخذ أجرة مثلِه - فذلك جائزٌ، وإلاَّ حرم". اهـ، قال أبو علي المسناوي: وهذا التَّفصيل هو الحق". اهـ.
أمَّا جلْب العمَّال، وتشغيلهم عند غير منِ استقْدَمهم، وأخذ أجرةٍ على الكفالة - فقد سبق عرْض هذا الموضوع على مجلِس هيئة كبار العلماء بالممْلكة العربيَّة السعودية، وأصدر فيه قرارًا هذا نصُّ مضمونِه:
الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على عبده ورسولِه محمد، وعلى آله وصحبِه، وبعد:
بحث المجلس موضوع استِقْدام العمَّال وتشغيلهم عند غير المستقْدمين، على أن يكون للمستقدم جزءٌ مشاع من أجورِهم، أو مبلغ معلوم منها، بناءً على الأسئِلة الكثيرة المتكرِّرة التي ترِدُ إلى الرِّئاسة العامَّة لإدارات البحوث العلميَّة والإفتاء والدَّعوة والإرْشاد، واطَّلع على البحث الذي أعدَّته اللَّجنة الدائمة للبحوث العلميَّة والإفْتاء، وبعد المناقشة وتداوُل الآراء، قرَّر المجلس أنَّ كلَّ استِخْدام وتشغيل للمستقدمين يُخالف ما أقرَّته الدَّولة للمصلحة العامَّة، فهو ممنوع، وأنَّ كلَّ ما يأخذه المستقْدمون من العمَّال مقابل تَمكينهم من العمل عند غيرهم - يُعتبر محرَّمًا؛ لأنَّ الكتاب والسنَّة قد دلاَّ على وجوب طاعة ولي الأمر في المعْروف، ولِما يترتَّب على استِخْدام العمَّال على غير الوجه الذي استُقْدموا من أجلِه من الفساد الكبير، والشَّر العظيم على المسلمين، فوجب منعُه، وبالله التوفيق، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّد وآلِه وصحبه وسلَّم".
هذا؛ والله أعلم.