صحة حديث تفسير "سبحان الله"
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: الحديث وعلومه - استشارات تربوية وأسرية -
ورد في تفسير معنى (سبحان الله) عدَّةُ أحاديث، منْها ما هو مرفوع إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ومنْها ما هو موقوف على الصَّحابة، ومنْها ما هو مقْطوع على التَّابعين.
أمَّا المرْفوع إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليْه وسلَّم فحديثان:
الأوَّل: حديث طلحة بن عبيدالله. أخرجه ابنُ جرير الطبري في "تفسيره" (12/ 128)، عن علي بن عيسى البزار.
ولكن أريد أن أعرف: هل هذان الحديثان صحيحان أو لا؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالحديث الَّذي أراد الأخُ الفاضل السُّؤال عنه قد رُوِي من حديث طلحة بن عبيدالله، وأبي هريرة رضِي الله عنْهما.
أمَّا حديث طلْحة: فرواه الطبري في التفسير (ج 15/ ص 31) قال: حدَّثني علي بن عيسى البزَّار، قال: حدَّثنا عبيدالله بن محمد، قال: حدَّثنا عبدالرحمن بن حمَّاد، قال: حدَّثني حفص بن سليمان، قال: حدَّثنا طلحةُ بن يَحيى بن طلحة، عن أبيه، عن طلْحة بن عبيدالله قال: سألْتُ رسولَ الله صلَّى الله عليْه وسلَّم عن تفسير "سبحان الله"، فقال: "هو تَنزيه الله من كلِّ سوء".
وأخرجه البيْهقي في "الأسماء والصفات" (1/ 106)، والحاكم (1/ 680)، والطَّبراني في "الدُّعاء" (1/ 498)، والشَّاشي في مسنده (1/ 15) من طريق عبدالرحمن بن حمَّاد، به.
والحديث وإن كان الحاكمُ قد صحَّح إسْناده، إلاَّ أنَّه خبرٌ واهٍ جدًّا؛ فـ "عبدالرحمن بن حمَّاد" هو: ابنُ عمران بن موسى بن طلحة بن عبيدالله، قال أبو حاتم: منكر الحديث، وقال ابن حبَّان: لا يُحتجُّ به، وذكر أنَّه روى عن طلحة بن يَحيى نسخةً موضوعة.
و"حفص بن سليمان الأسدي البزَّار": قال عليُّ بن المديني: ضعيف الحديث، وتركتُه على عمد، وقال عبدالرحمن بن أبى حاتم: سألت أبي عنْه، فقال: لا يُكْتَب حديثُه، هو ضعيف الحديث، لا يصدَّق، متروك الحديث، وكذا ضعَّفه غير واحد.
و"طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبيدالله التَّيمي" لم يكن بالقَويِّ، وثَّقه ابن معين وغيرُه، وقال البخاري: "منكر الحديث".
ورواه الطَّبري في "التَّفسير" أيضًا (15/ 32)، والطبراني في الدعاء (1/498) كلاهما من طريق سليمان بن أيوب بن سليمان بن عيسى بن موسى بن طلحة بن عبيدالله، عن أبيه، عن جده، عن موسى بن طلْحة، عن أبيه، قال: قلتُ: يا رسول الله، قول "سبحان الله"؟ قال: "تنزيه الله عن السوء".
وسليمان بن أيّوب ذكرَه ابن حبَّان في الثقات، ووثَّقه الفضل بن سكين، وقال ابن عدي: أحاديثُه أفراد لا يتابع عليْها، وقال الذَّهبي في "تاريخ الإسلام" (15/ 179): قدْ أوْرد له ابنُ عديٍّ أحاديثَ مناكير، وقال: عامَّة أحاديثه لا يتابع عليْها.
أمَّا حديث أبي هريرة: فرواه الطَّبراني في "الأوْسط" (7/ 25)، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان" (2/ 237)، من طريق أبي شيبة إبراهيم بن عثمان، عن عثمان بن عبدالله بن موهب، عن موسى بن طلْحة، عن أبي هُريْرة قال: قال رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم: "مَن قال: سبحان الله، والحمد لله، ولا إلهَ إلاَّ الله، والله أكبر، ولا حوْل ولا قوَّة إلا بالله - ضمَّ عليهنَّ ملَك جناحَه، فلا يرجعْن بشيءٍ حتَّى يبلغ بهنَّ العرش، ولا يمرُّ على شيءٍ إلاَّ صلَّى عليهنَّ وعلى قائلهنَّ، والتَّسبيح تنزيه الله من كلِّ سوء" الحديث.
وبيَّن الطبراني وأبو نعيم أن أبا شيبة تفرد بهذا الحديث، وهو؛ أي: "أبو شيبة": ضعيف الحديثِ متروك.
قال الهيْثمي في "المجمع" (10/ 102): رواه الطَّبراني في الأوْسط، وفيه أبو شيبة إبراهيم بن عثمان، وهو ضعيف.
والصَّحيح أنَّه مرسل، فقد رواه الطَّبري في "التَّفسير" (15/ 31)، والطَّبراني في "الدعاء" (1/ 498)، والبيْهقي في "الأسماء والصفات" (1/ 67)، من طريق سفيان بن سعيد الثَّوري، عن عثمان بن عبدالله بن موهب الطَّلحي، عن موسى بن طلحة، قال: سُئِل رسول الله صلَّى الله عليْه وسلَّم عن "سبحان الله"، فقال: "تنزيهًا لله عن السوء".
قال الطَّبراني: لم يُجاوز به عثمان بن عبدالله بن موهب موسى بن طلحة.
وقال البيهقي: هذا منقطِع؛ يعنى: مرسلاً، وهذا يدلُّك أنَّ على رواية أبي شَيْبة المسندة خطأ،، والله أعلم.