أمور تخص الجماع
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الزواج والطلاق -
هل صحيح أنه لا يجوز أن يجامع الرجل زوجته وكلاهما عارٍ تماماً؛ لأن هناك حديثاً نصه ((وَلا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعِيرَيْنِ))؟
وهل يجب أن يجامع الرجل زوجته وعليهما غِطاء؟
وهل يجوز أن ينظر كل من الزوجين لعَورة الآخر المُغلَّظَة؟
وهل ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل هو والسيدة عائشة رضي الله عنها معاً؟
وهل صحيح أنه لا يُستَحَبُّ أن يكون هناك مرايا كثيرة في غرفة النوم، وخاصة في مواجهة السَّرِير؟ وهل صحيح أن هذا يُعَرِّض الزوجين لأن يؤذيهما الجن؟
وما الآداب الواجب مراعاتها في أمور الجماع عامة، وفي ليلة الزفاف خاصة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فالحديث المذكور رواه ابن ماجه، عن عتبة بن عبد السلمي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا أتى أحدُكُم أهلَه، فليَسْتَتِر وَلا يَتَجَرَّدْ تَجَرُّدَ الْعِيرَيْنِ".
قال البوصيري في "زوائد ابن ماجه": "هذا إسنادٌ ضعيفٌ؛ لضعفِ الأحوصَ بن حكيم العنسيّ الحمصيّ".
وقد ورد الحديث من طرق أخرى ضعيفة، ولايتقوى الحديث بمجموعها، كما في "نصب الراية"، و"التلخيص الحبير"، وجمعها الشيخ الألباني في "إرواء الغليل"، وذكر أن الحديث لايصح بشيء منها.
هذا؛ ولا خلاف بين الفقهاء في أنه ليس أي جزء من بدن الزوجة عورة للزوج، وكذلك أي جزء من بدنه لها، وعليه؛ ويحل لكل واحد منهما النظر إلى جميع جسم الآخر ومسه، حتى الفرج؛ لأن وَطْأَهَا مُباح، فيكون نظر كل منهما إلى أي جزء من أجزاء الآخر مباحاً، بشهوة وبدون شهوة، بطريق الأولى.
واتفق الفقهاء على أنه يجوز للزوج مسُّ فرج زوجته، والأصل فيه قوله تعالى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ} [المؤمنون:5،6] وما ورد عن بَهْز بْن حَكِيمٍ، عن أبيه عن جده قال: "قلت يا رسول الله: عَوْرَاتُنَا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك" (رواه أحمد وأبو داود والترمذي)، ولأن الفرج محل الاستمتاع، فجاز النظر إليه كبقية البدن.
وذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى جواز نظر كل من الزوجين إلى فرج الآخر مطلقاً، لكن صرَّح الحنفية والحنابلة بأن الأولى ترك النظر إلى الفرج، وذهب الشافعية إلى كراهة نظر كل من الزوجين لفرج الآخر، وفرج نفسه بلا حاجة، وتشتد الكراهة بالنظر إلى باطن الفرج، وقالوا: إنه لا يُكره النظر في حالة الجِمَاع، بل يجوز.
والراجح: جواز كل ذلك بغير كراهة.
أما حديث عائشة رضي الله عنها الذي تقول فيه: "كُنْتُ أَغْتَسِلُ أَنَا ورسول الله صلى الله عليه وسلممن إناء -بيني وبينه– واحد؛ فَيُبَادِرُنِي حتى أَقُولَ: دَع لي دَع لي" (فصحيح؛ رواه مسلم في صحيحه، وهو يدل على صحة ما رجحناه).
أما كونه لا يُستَحَب وجود مرايا في غرفة النوم، وخاصة في مواجهة السَّرير، وأن وجودها قد يُعَرِّض الزوجين لمس الجن – فمن الخُزَعبلات المنتشرة عند بعض المسلمين؛ والواجب على المسلم أن يتوكل على الله، ولا يخشَ من جنٍ ولا غيره.
ولتعلم -رعاك الله- أن التَّعَوُّذ بالله وبالأذكار المشروعة - كأذكار الصباح والمساء، وأذكار قبل النوم (مثل أن يقول: أعوذ بالله بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامة، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، بسم الله الذي لا يَضُرُّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، وقراءة آية الكرسي، وسورة الإخلاص، والمعوذتين، عقب كل صلاة، وعند النوم، وقراءة الآيتين من آخر سورة البقرة كل ليلة) -: يقي الإنسان بإذن الله من شرَّ الجان والعين والحسد وغيرها، وكذلك المحافظة على الوضوء، وصلاة الصبح مع الجماعة.
ولمعرفة الآداب التي تشْرع مُرَاعَاتها في أمر الجِمَاع عامة وفي ليلة الزفاف خاصة، يُرَاجَع أحد الكتب التالية:
كتاب "آداب الزفاف" للشيخ الألباني، و"تحفة العروس" لمحمود مهدي استانبولي، و"تحفة العريس والعروس في الإسلام" لمحمد علي قطب، و"أحكام الزواج في الشريعة الإسلامية" لأحمد فراج حسين، و"الحب والجنس من منظور إسلامي" لمحمد على قطب، و"مقومات السعادة الزوجية" لناصر سليمان العمر، و"رسالة إلى العروسين" لسعيد بن مسفر القحطاني، و"اللقاء بين الزوجين"، وكتاب "متعة الحياة الزوجية".
هذا؛ والله تعالى أعلم.