هل يصل الميت ثواب الأعمال التعبدية التي لم يرد فيها نص كقراءة القرآن والذكر؟
جاء في الحديث وصول الحج وأنه يقبل النيابة (1)، وصول الصدقة، وصول الدعاء (2)، وجاء النهي عن الصلاة: "لا يصلي أحد عن أحد" (3)، فالعبادات المحضة لا تقبل النيابة كالصيام، عبادة لكن جاء في الحديث: "من مات وعليه صيام صام عنه وليه" (4)، وإن كان المتجه عن شيخ الإسلام (5) وابن القيم (6) وهو مذهب الحنابلة (7) أنه خاص بصيام النذر فيها التزام الإنسان على نفسه مما لا يوجب به الشرع.
على كل حال: الاقتصار على موارد النصوص هو الأصل، وإن كان من أهل العلم من يرى أن كل قربة فعلها وأهدى ثوابها إلى حي أو ميت فهو يصل، والولد من الكسب فالدخول في عموم هذه الآية (8) له وجه، ولكن إذا اقتضى اكتفى بالدعاء، بالصدقة، حج عن أبيه، حج عن أمه، حج عن قريبه، وفي هذه الأبواب ما يعني عن الاستطراد وفعل ما لم يرد خشية أن يدخل في حيز الابتداع، لكن لو فعل قراءة القرآن وجعل ثوابه لأبيه أو أمه لا شك أن هذا قول معتبر عند أهل العلم وإن لم يكن راجحاً.
_____________________
(1) أخرجه مسلم (1149)، من حديث بريدة رضي الله عنه: بينا أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ أتته امرأة فقالت: إني تصدقت على أمي بجارية وإنها ماتت، قال: فقال: "وجب أجرك وردها عليك الميراث"، قالت: يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال: "صومي عنها"، قالت: إنها لم تحج قط، أفأحج عنها؟ قال: "حجي عنها".
(2) أخرجه مسلم (1631) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
(3) أخرجه النسائي في الكبرى (2/175) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنه موقوفاً عليه، وعبد الرزاق في مصنفه (9/61) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه موقوفاً عليه.
(4) أخرجه البخاري (1952)، ومسلم (1147) من حديث عائشة رضي الله عنه.
(5) مجموع الفتاوى (24/309)، ومنهاج السنة النبوية (5/288).
(6) إعلام الموقعين (4/390).
(7) المغني (3/84).
(8) لعل مراد الشيخ حفظه الله قوله تعالى: {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} [النجم: 39].
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وحاليا عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
- التصنيف:
- المصدر: