صبُّ الماء في فم الصائم المغمى عليه
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: فقه الصيام -
إذا أُغْمِي على الصائم، فصَبُّوا في فمِه ماءً لعله يصحو، فَصَحَا، هل يُفْطِر بِهذا؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإذا أغمي على شخْصٍ جَميعَ النَّهار وهو صائم، فلا يَصِحُّ صومُه؛ لأنَّه ليس بعاقل، ويلزَمُه القضاءُ؛ لأنَّه فاقدٌ لِشرطٍ من شُروط التَّكليف، وهو العقْل، وهذا مذهَبُ الجُمهور.
أمَّا إذا صبَّ إنسانٌ في فمِ صائمٍ ماءً، وابتلعَه رغْمًا عنْه، فلا يُفْطِر بِهذا، سواءٌ كان صاحيًا أم مُغْمًى عليْه؛ لأنَّ من شرْط المفطِر أن يكون: عامدًا، ذاكِرًا لصَوْمِه.
قال الشيخ العثيمين في "الشَّرح المُمتِع على زاد المستقْنع": "الشَّرط الأوَّل: أن يكون عامِدًا، وضدُّه غيرُ العامد، وهو نوعانِ، أحدُهُما: أن يَحصُل المفطِّر بغيْرِ اختِياره بلا إكْراه، مثل أن يَطير إلى فمِه غبارٌ، أو دُخان، أو حشرةٌ، أو يتمضْمض فيدخل الماءُ بطْنَه بغير قصْدٍ - فلا يفطِر؛ والدَّليل على ذلك قولُ الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5]، وهذا لم يتعمَّد قلبُه فعل المفسد، فيكون صومُه صحيحًا...
أو مُكرهًا، يعني أنَّه إذا كان مُكرهًا على المفطِّرات، فإنَّه لا يفطِر، فيشتَرَطُ أن يكون عمدًا؛ لقَوْل الله تعالى: {وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب: 5].
وقال: إذا أُغْمِي عليْه وهو صائم، فصبُّوا في فمِه ماءً لعلَّه يصحو، فصحا، فلا يُفْطِر بِهذا؛ لأنَّه غيْر قاصد، فالذي صبَّ في فمِه الماءَ شخصٌ آخر، وهو مغمًى عليْه لا يحس، كما لو أتيْت إلى شخصٍ نائمٍ، وصبَبْتَ في فمِه ماءً، فإنَّه لا يفطر؛ لأنَّه بغير قصْد، وإذا صببتَ في فمِه الماء، فسوف يبتلعُه وهو نائم؛ ولكنَّه يبتلعه وهو غير تامِّ الشُّعور، فلا يفسد صومه... فتكون شروط المفطِّرات ثلاثة: العلْم، والذِّكْر، والعمْد"،، والله أعلم.