حكم دعاء: اللَّهُمَّ أرِنا فيهم يومًا أسودَ
ما حكم الدعاء على اليهود بهذا النَّصِّ: "اللَّهُمَّ أرِنا فيهم يومًا أسودَ كيوم قارون وفرعون وهامان"؟
وهل ورد ذلك عن النبي؟ لأنَّ البعض قال لي: إنَّ في قول يومًا أسودَ سبًّا للدَّهر.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد سبقَ بيانُ مشروعيَّة الدعاء على الكفَّار بصفةٍ عامَّة، المحاربين منهم بصفة خاصَّة في فتوى: "الدعاء على الكفار".
أمَّا الدعاء المذْكور، فلم يرد عن النَّبيِّ فيما نعلم، ومن حيثُ هو، فالظَّاهر أنَّه جائزٌ لا شيءَ فيه، وليس هو سبًّا للدَّهر؛ لأنَّ وصف السنين بالشدَّة، واليوم بالسَّواد أو النَّحس ونحوِها - جائزٌ؛ لأنَّ هذا مقيَّد بوصْف ما وقع في اليوم، بالإضافة إلى المخلوق، يعني: يومًا أسودَ على اليهود، كما كان يوم هلاك فرعون أسود عليه وعلى جنده.
وقد ورَد هذا المعنى في القُرآن الكريم في قوله تعالى: {فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ لِنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ} [فصلت: 16]، فوصَف الله -جلَّ وعلا- الأيَّام بأنَّها نحِسات، والمعنى: في أيَّام نحِسات عليهم؛ لأنَّه جرى عليهم فيها ما فيه نَحس عليْهم.
وقوله تعالى: {فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ} [القمر: 19]، فهذا أيضًا ليس من سبِّ الدَّهر؛ لأنَّ المقصود وصف ما حصل فيه بالكافرين، بِخلاف السَّبِّ الذي فيه نسبة الفِعْل إلى الدَّهر، فيسبُّه لأنَّه فعل به - أي: الدهر - ما يسوؤُه، فهذا هو الذي يكون أذيَّة لله.
أمَّا قوله تعالى في الحديث القُدسي: "يُؤذيني ابنُ آدَم، يسبُّ الدَّهر، وأنا الدَّهر، بيدي الأمْر، أقلِّبُ اللَّيل والنَّهار" (رواه البخاري وغيرُه عن أبي هُريرة) - فمعناه: أنا صاحبُ الدَّهر، ومدبِّر الأمور التي ينسبونَها إلى الدَّهر، فمَن سبَّ الدَّهر من أجْلِ أنَّه فاعل هذه الأمور، عاد سبُّه إلى ربِّه الذي هو فاعلُها، وإنَّما الدَّهر زمانٌ جُعِلَ ظرفًا لمواقع الأمور؛ كما قال الخطَّابي.
وعليْه؛ فوصف الأيَّام بالسَّواد، أو نحو ذلك؛ بقصْد أنَّها سوداءُ على الكفَّار؛ أي: يحصُل لهم فيها من السُّوء والعذاب -لا شيءَ فيه؛ لأنَّ الشَّرَّ ليس إلى الله- سبحانه - وإنَّما هو يوم أسودُ بالنِّسْبة لليهود، لا إلى ذاتِ اليوم، الذي يرجو الدَّاعي ألاَّ يكون أسودَ على المسلمين؛ بل على الكفَّار من اليهود، ويكون للمؤمنين يومَ نصرٍ وتأْييد،، والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: