إقامة الموالد لأصحاب الأضرحة
عبد العزيز بن باز
يوجد بقريتنا ضريح لأحد الأولياء والناس يأتون إليه ويقدمون إليه النذور والذبائح ويطوفون بالقبر ويتمسحون به ابتغاء البركة، ويقيمون عنده حلقات الذكر، وكل ذلك مع اختلاط النساء بالرجال، ومع ندائهم لصاحب القبر والاستغاثة به وطلب العون منه، فما الحكم في هؤلاء الناس وفي أفعالهم هذه؟ وما الحكم في المولد لهذا الشيخ ولغيره؟
الذي يأتي إلى ضرائح الموتى ويدعوهم ويسألهم شفاء المرضى أو يطلب منهم المدد والعون أو دخول الجنة أو النجاة من النار أو ينذر لهم أو يذبح لهم أو يطوف بقبورهم يطلب البركة منهم والأجر منهم أو النجاة من النار أو الشفاء من المرض أو سعة الرزق أو ما أشبه ذلك، كله كفر أكبر وشرك أكبر والعياذ بالله، هذا دين المشركين قال الله عزَّ وجلَّ: {فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} [الجن: 18]، قال سبحانه في حق الأصنام والمعبودين من دون الله جميعاً: {إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [فاطر: 14]، سماه شركاً، قال سبحانه: {وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} [المؤمنون: 117]، فسمى دعوة غير الله كفراً وضلالاً وشركاً، وهكذا إقامة الأذكار أو الموالد عند القبر بدعة، فإقامة الحفل عند القبر أو المولد أو الأذكار أو الحلقات العلمية أو القرآن هذا بدعة وليس بشرك، أما طلب الحاجات منه والتمسح بتراب قبره لطلب البركة أو لطلب شفاء المريض فهذا من الكفر الأكبر، نسأل الله العافية ولا حول ولا قوة إلا بالله.
أما الموالد فكلها بدعة ولاحتفال بالموالد كلها بدعة عند المحققين من أهل العلم؛ لأن الله سبحانه وتعالى ما شرع لنا ذلك، فالرسول صلى الله عليه وسلم لم يحتفل بمولده، وهكذا الصحابة لم يحتفلوا بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا بمولد الصديق ولا بمولد عمر ولا عثمان ولا علي، وهم قدوة وهم الأخيار، فلو كان هذا خيراً لسبقونا إليه. فالاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم أو المشايخ أو الأمراء أو غيرهم كله بدعة وكله لا يجوز لقول النبي صلى الله عليه وسلم: « » (الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم:2697 خلاصة حكم المحدث: [صحيح])، ولقوله عليه الصلاة والسلام: « » (الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم:1718 خلاصة حكم المحدث: صحيح)، يعني مردود، ولقوله: « » (الراوي: - المحدث: الشوكاني - المصدر: الفتح الرباني - الصفحة أو الرقم: 5/2229 خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح)، وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: « » (الراوي: جابر بن عبدالله المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 43 خلاصة حكم المحدث: صحيح).
فالواجب على أهل الإسلام أن يحذروا هذه البدع وأن يبتعدوا عنها، وإذا كان فيها اختلاط بين الرجال والنساء صار الأمر أكبر وصارت الفتنة أعظم وصار الإثم أكثر؛ فإن الاختلاط بين الرجال والنساء عند قبر أو في أي احتفال منكر، ومن أسباب الزنا والفواحش ومن أسباب الوقوع في المحارم.
فالواجب الحذر من ذلك حتى في غير الاحتفال، حتى في الولائم الأخرى، فلا يجوز أن يجتمع الرجال والنساء في حفلة ويختلطوا في حفلة عرس أو في أي حفلة؛ لأن هذا يسبب فتنة للرجال بالنساء وللنساء بالرجال، فالواجب التمييز وأن يكون اجتماع النساء على حدة واجتماع الرجال على حدة، في الولائم وفي الاحتفالات الجائزة شرعاً مثل الأعراس وغيرها.