العاصي لا يخلد في النار
يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: ٤٨]، ويقول أيضا: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} [طه: ٨٢] هل بين هاتين الآيتين تعارض؟ وما المراد بقوله: {مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}؟
ليس بينهما تعارض، فالآية الأولى في حق من مات على الشرك ولم يتب، فإنه لا يغفر له ومأواه النار، كما قال الله سبحانه: {إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72]، وقال عز وجل: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأنعام: 88]، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
أما الآية الثانية وهي قوله سبحانه: {وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى} فهي في حق التائبين، وهكذا قوله سبحانه: {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53]، أجمع العلماء على أن هذه الآية في التائبين، وأما قوله سبحانه: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 116] فهي في حق من مات على ما دون الشرك من المعاصي غير تائب، فإن أمره إلى الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، وإن عذبه فإنه لا يخلد في النار خلود الكفار، كما تقول الخوارج والمعتزلة ومن سلك سبيلهما، بل لا بد أن يخرج من النار بعد التطهير والتمحيص كما دلت على ذلك الأحاديث المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجمع عليه سلف الأمة. والله ولي التوفيق.
نشرت في مجلة الدعوة في العدد (1290)، في 25/10/1411هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء السادس.
- التصنيف:
- المصدر: