الجمع بين حديث غربة الدين والطائفة المنصورة
ما الجمع بين حديث: «
»، وحديث: « »؟لا منافاة بينهما: فالأول ظاهر من الواقع، وتمامه: «الإيمان، باب بيان أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، برقم 208)، وفي رواية لغير مسلم: « » (أخرجه ابن قتيبة في كتاب تأويل مختلف الحديث 1/115)، وفي رواية أخرى: « » (أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء أن الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً، برقم 2554)، والحديث الثاني يدل على بقاء الإصلاح والدعوة والعلم والتعليم، وفيه بشارة أن هنالك طائفة لا تزال ظاهرة على الحق، فالغربة لا تنافي الطائفة، ولا يلزم أن تكون بمكان واحد، والحق لا بد من بقائه حتى يخرج الدجال، وحتى تأتي الريح، ثم إن هذه الغربة قد تزداد في مصر من الأمصار وتقل في مصر آخر، وقد تكون الغربة ذات معان متعددة: في كثرة البدع أو إنكار صلاة الجماعة أو عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن أعظمها، غربة أهل التوحيد وظهور الشرك، نسأل الله العافية، وقد يظهر الإسلام في ناحية ويكون فيها أحسن مما قبل كما هو الواقع، وقد يكون في زمان أفضل من زمان آخر. أما حديث: « » (أخرجه البخاري في كتاب الفتن، باب لا يأتي زمان إلا الذي بعده شر منه، برقم 6541)، فهو محمول على الأغلب، فلا يمنع أن يكون في بعض الزمان أحسن مما قبله، كما جرى في زمان عمر بن عبد العزيز فإن زمانه أحسن من زمان سليمان والوليد، وكما حصل في زمان شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم من ظهور السنة والرد على المبتدعة، وكما جرى في الجزيرة بعد دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله.
» (أخرجه مسلم في كتاب
نشر في كتاب فتاوى إسلامية جمع وترتيب محمد المسند، ج 4، ص136.
- التصنيف:
- المصدر: