من يدعون ولايته ويسألونه عما غاب ويحلفون به
عبد العزيز بن باز
- التصنيفات: الشرك وأنواعه -
يوجد في بلدتنا رجل لا يخرج من حجرته يقال له "الشيخ موسى"، والناس يذهبون إليه للبركة، وإذا غاب شيء ذهبوا إليه ليسألوه حتى يدلهم على مكانه، وبعض الجهلة يحلفون به، وينذرون له النذور، وأهله يتلقون الهدايا من الناس ويعيشون عليها، من نقود أو أجهزة أو بهيمة الأنعام، ويقسمونها بينهم، وإذا سألنا عن صلاته يقال إنه يصلي، ولكن أين يصلي الجمعة وهو لا يخرج من حجرته أبداً يقولون إنه يصلي في أي مسجد، وأحيانا في الحرم بمكة، وهو مع ذلك يشرب الدخان، فماذا عن هذا الرجل؟ وماذا عن حكم ما يأكله أهله من هدايا؟ وهل هذا من الأولياء؟
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذا الرجل وأشباهه من جملة الدجالين المضللين، الذين يتأكلون بما يدعونه من ولاية أو من علم الغيب أو نحو ذلك، ولا يجوز أن يسأل، ولا يجوز أن يهدى إليه، بل يجب أن يستتاب من أعماله السيئة من جهة ولاة الأمور، فإن تاب وإلا وجب قتله؛ لأن هذا مضلل ملبس على الناس يستخدم الجن، ويسألهم عن بعض الأشياء أو يكذب على الناس.
فاعتقاد الناس فيه بأنه يعلم الغيب، وأنه يخبرهم عن حاجاتهم الغيبية، فهذا يدل على أنه إما أنه كذاب ودجال، وإما أنه يستخدم الجن ويسألهم عن بعض الأشياء التي قد يعرفونها من جهة استراق السمع، أو من جهة تجولهم في البلدان، ويكذب معها مائة كذبة وأكثر، والرسول صلى الله عليه وسلم قال: «
»، وقال صلى الله عليه وسلم: « » صلى الله عليه وسلم.والتبرك به لا يجوز؛ لأنه ضال مضل، لا يجوز التبرك به، ولا يتبرك بغيره من الأشخاص؛ لأن البركة تطلب من الله عز وجل، لا من زيد ولا من عمرو، فالواجب في مثل هذا أن يكشف أمره لولاة الأمور، لعلهم يزيلون هذا الشخص، ويمنعونه من تعاطيه هذه الأعمال الخبيثة المنكرة، أو لعلهم يسجنونه.
المقصود: أن عمله هذا منكر، ولا يجوز إقراره عليه من حكومة إسلامية، ومن علماء المسلمين، ومن أهل الحل والعقد، بل يجب القضاء عليه ومنعه من هذا العمل السيئ، ثم من أدلة فساد حاله كونه لا يحضر الجمعة ولا الجماعة، وهذا منكر عظيم، سئل ابن عباس رضي الله تعالى عنهما عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل ولكنه لا يشهد الجمعة ولا الجماعة، فقال: "هو في النار"، فشهود الجماعة أمر لازم وشهود الجمعة كذلك، ودعواه أنه يصلي في كذا وكذا وهو لا يرى، أو أنه يصلي في المسجد الحرام، فكل هذا دجل وكذب؛ ليظن الناس أنه ولي، وأنه يخرج ويذهب ولا يرى أو أنه يذهب به إلى مكة كرامة له، وهذا ليس من كرامات الأولياء بل هذا من الباطل، وهذا من شعوذة الشياطين، وكذبهم على الناس، فقد تحمل الشياطين بعض الناس إلى أماكن بعيدة.
فالمقصود: أن هذا من عبيد الشيطان وليس من عبيد الله، بل يجب الإنكار عليه، ولا يهدى إليه ولا إلى أهله، ولا يصدق، ولا يسأل، بل يجب أن يعاقب حتى يدع هذا العمل، وحتى يصلي مع الناس، وحتى يتوب إلى الله عز وجل، وحتى يدع ما يدعيه من دعوى علم الغيب، فإن تاب وإلا وجب قتله نسأل الله السلامة والعافية.