إذا أنفقت غلة الاستثمار قبل أن يحول عليها الحول فلا زكاة فيها

منذ 2014-12-17
السؤال:

أمتلك عمارة صغيرة مسلحة، بلغت نفقة تعميرها سبعين ألف ريال، وتحملت بأسباب ذلك ديناً بمبلغ أربعين ألف ريال، وأجرتها سنوياً بمبلغ ثمانية آلاف ريال، تدفع لي مقدماً عن كل سنة، وعند تسلمي للمبلغ المذكور أسدد به بعض ما عليّ من الديون. وسؤالي عن وجوب الزكاة في الإيجار المذكور.

الإجابة:

الزكاة تجب في المال الذي دار عليه الحول وهو في حوزة صاحبه سواء كان نقوداً أو عروضاً تجارية.

أما مثل هذا الإيجار الذي تتسلمه من المستأجر مقدماً وتسدد به الدين، فإنه لا تجب فيه الزكاة؛ لكونه لم يحل عليه الحول وهو في ملكك، والاعتبار في ذلك بوقت عقد الإجارة إلى نهاية السنة، فإذا قبضت الأجرة قبل نهاية السنة وسددت بها الدين، أو صرفتها في حاجات البيت فلا زكاة فيها.


وأما سؤالك عن زكاة الأرضين اللتين تملكهما

فإن كانتا معدتين للتجارة، فالواجب تقويمهما في نهاية كل سنة، وتدفع زكاتهما مع القدرة، فإن عجزت عن ذلك، جاز التأخير إلى القدرة، وليس عليك أن تستقرض، بل تبقى الزكاة ديناً في ذمتك حتى تستطيع إخراجها؛ لقول الله سبحانه: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن من الآية: 16]، وقوله تعالى: {وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ}[البقرة من الآية: 280].


أما سؤالك عن الدين هل يمنع الزكاة؟

فجوابه أن هذه المسألة فيها خلاف بين العلماء، والأرجح أن الدين لا يسقط الزكاة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يأمر عماله بقبض الزكاة من الناس، ولم يأمرهم بإسقاطها عن أهل الدين، ولا بسؤال أهل الزكاة هل عليهم دين حتى يسقط عنهم من الزكاة بقدره، فعلم بذلك أن الدين لا يمنع الزكاة.

وقد دل الشرع المطهر أن الزكاة تزيد المزكي خيراً وطهراً وبركة وخلفاً عاجلاً، كما قال سبحانه: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [التوبة من الآية: 103]، وقال سبحانه: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} [سبأ من الآية: 39]. 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما نقصت صدقة من مال ، وما زاد الله عبداً بعفو إلا عزاً ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله» [1] (خرجه الإمام مسلم في صحيحه).

وفي صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ما من يوم يصبح فيه العباد إلا وينزل فيه ملكان ، يقول أحدهما : اللهم أعط منفقاً خلفاً ، ويقول الآخر : اللهم أعط ممسكاً تلفاً » [2].

وفقني الله وإياكم للفقه في دينه، والثبات عليه، والمسارعة إلى ما يرضيه إنه سميع قريب.

 

 

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] (رواه مسلم في (البر والصلة والآداب)، باب: استحباب العفو والتواضع، برقم: [2588]).

[2] (رواه البخاري في (الزكاة)، باب: قول الله تعالى: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَىٰ وَاتَّقَىٰ}، برقم: [1442]، ومسلم في (الزكاة)، باب: في المنفق والممسك، برقم: [1010]).   

عبد العزيز بن باز

المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-

  • 0
  • 0
  • 10,271

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً