اجتماع المسلمين في الصوم والفطر مطلب شرعي

منذ 2014-06-08
السؤال:

تحدث إمام الأزهر في بداية شهر رمضان المبارك عن أهمية توحيد رؤية الهلال في العالم الإسلامي وطلب اجتماع علماء المسلمين لتقرير ذلك، ماذا يرى سماحتكم حول هذا وإمكانيته؟

الإجابة:

لاشك أن اجتماع المسلمين في الصوم والفطر أمر طيب ومحبوب للنفوس ومطلوب شرعاً حيث أمكن، ولكن لا سبيل إلى ذلك إلا بأمرين:
أحدهما: أن يلغي جميع علماء المسلمين الاعتماد على الحساب كما ألغاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وألغاه سلف الأمة، وأن يعملوا بالرؤية أو بإكمال العدة كما بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى ج25 ص 132- 133 اتفاق العلماء على أنه "لا يجوز الاعتماد على الحساب في إثبات الصوم والفطر ونحوهما"، ونقل الحافظ في الفتح ج4 ص 127 عن الباجي: "إجماع السلف على عدم الاعتداد بالحساب وأن إجماعهم حجة على من بعدهم".

الأمر الثاني: أن يلتزموا بالاعتماد على إثبات الرؤية في أي دولة إسلامية تعمل بشرع الله وتلتزم بأحكامه، فمتى ثبت عندها رؤية الهلال بالبينة الشرعية دخولاً أو خروجاً تبعوها في ذلك عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأكملوا العدة» (رواه مسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال والفطر لرؤيته برقم 1081، والنسائي في الصيام باب ذكر الاختلاف على عمر بن دينار برقم 2124، واللفظ له)، وقوله صلى الله عليه وسلم: «إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب الشهر هكذا وهكذا وهكذا» وأشار بيده ثلاث مرات وعقد إبهامه في الثالثة: «والشهر هكذا وهكذا وهكذا» وأشار بأصابعه كلها (رواه البخاري في الصوم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا نكتب ولا نحسب» برقم 1913، ومسلم في الصيام باب وجوب صوم رمضان لرؤية الهلال برقم 1080) ، يعني بذلك عليه الصلاة والسلام أن الشهر يكون تسعة وعشرين، ويكون ثلاثين.
والأحاديث في هذا المعنى كثيرة من حديث ابن عمر وأبي هريرة وحذيفة بن اليمان وغيرهم رضي الله عنهم، ومعلوم أن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم ليس خاصاً بأهل المدينة، بل هو خطاب للأمة جمعاء في جميع أعصارها وأمصارها إلى يوم القيامة، فمتى توافر هذان الأمران أمكن أن تجتمع الدول الإسلامية على الصوم جميعاً، فنسأل الله أن يوفقهم لذلك، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة الإسلامية ورفض ما خالفها.

ولا ريب أن ذلك واجب عليهم؛ لقوله سبحانه: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} [النساء: 65] وما جاء في معناها من الآيات، ولا ريب أيضاً أن في تحكيمها في جميع شئونهم صلاحهم، ونجاتهم واجتماع شملهم، ونصرهم على عدوهم، وفوزهم بالسعادة العاجلة والآجلة، فنسأل الله أن يشرح صدورهم لذلك ويعينهم عليه إنه سميع قريب.

 

من ضمن أسئلة موجهة لسماحته من مندوب صحيفة الجزيرة بالطائف بتاريخ 24/9/1407هـ - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة الجزء الخامس عشر

عبد العزيز بن باز

المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-

  • 0
  • 0
  • 1,716

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً