هل خلع الخف ينقض الوضوء؟
رجلٌ لبس الخفَّ أو الجورب، وبدأ المسْحَ عليه من الفجْر، وكان مقيمًا، متى تنتهي مدَّة المسح في حقِّه؟ هل بفجر اليوم الثَّاني أو بمنتصف الليل؟ وإذا خلعَه في الظُّهر مثلاً، واستبدلَه بجوربٍ آخَر، فهل ينتقض المسح أو أنَّ الاستِبدال لا يؤثِّر على المسح؟
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد اختلف العلماء في مدة المسح على الخفين، فذهب جُمهور الفقهاء -من الحنفيَّة والشافعيَّة والحنابلة- إلى: أنَّ مدَّة المسح يومٌ وليلة للمقيم، وثلاثةُ أيَّام ولياليها للمُسافِر، وهذا هو الرَّاجح، واستدلُّوا بأدلَّة كثيرة:
- منها ما روى صفوانُ بن عسَّال، قال: "أمرَنا -يعني النَّبيَّ صلَّى الله عليْه وسلَّم- أن نَمسح على الخُفَّين -إذا نحنُ أدخلناهُما على طهر-: ثلاثةً إذا سافرْنا، ويومًا وليلةً إذا أقمْنا، ولا نَخلعُهما من غائط ولا بول ولا نوم، ولا نخلَعُهما إلاَّ من جنابة"؛ رواه أحمدُ وابنُ خُزيمة، وقال الخطَّابيُّ: هو صحيحُ الإسناد.
- ومنها ما رواهُ عوفُ بن مالك الأشجعيُّ: "أنَّ رسولَ اللهِ -صلَّى الله عليه وسلَّم– أمر بالمسْح على الخفَّين في غزوةِ تبوك: ثلاثةَ أيَّام ولياليهنَّ للمسافر، ويومًا وليلةً للمُقيم"؛ رواه أحمد، وقال: هو أجود حديثٍ في المسح على الخفَّين؛ لأنَّه في غزوة تبوك، وهي آخرُ غزاةٍ غزاها رسول اللَّه -صلى الله عليه وسلَّم- وهو آخِر فعله.
قال النَّووي في "المجموع": "الصَّحيح من مذهبِنا، والذي عليْه العمل والتَّفريع: أنَّه مؤقَّت: للمسافِر ثلاثةُ أيَّام بلياليها، وللمُقيم يومٌ وليلة، وبِهذا قال أبو حنيفةَ وأحمد وأصحابُهما، وجمهورُ العلماء من الصَّحابة والتَّابعين فمن بعدهم، قال أبو عيسى التِّرمذي: "التَّوقيت: ثلاثًا للمسافر، ويومًا وليلةً للمقيم هو قوْل عامَّة العُلماء من الصَّحابة والتَّابعين ومَن بعدَهم، وقال الخطَّابي: "التَّوقيت قولُ عامَّة الفُقهاء"، قال ابن المنذِر: "وممَّن قال بالتَّوقيت: عمر وعلي، وابنُ مسعود وابن عبَّاس، وأبو زيد الأنصاري وشريح، وعطاء والثَّوري، وأصحابُ الرَّأى وأحمد وإسحق، وحكاه أصحابُنا أيضًا عن الحسن بن صالح والأوزاعي وأبي ثور.
وقالت طائفةٌ: لا توقيتَ، ويمسح ما شاء، حكاه أصحابُنا عن أبي سلمة بن عبدالرحمن والشَّعبي، وربيعة واللَّيث، وأكثَرِ أصحاب مالك، وهو المشهورُ عن مالك". اهـ.
وتبدأ مدة المسح من بدء الحدث؛ فمن توضأ ولبس خفيه وصلى الفجر ولم يحدث إلا بعد صلاة الظهر، فله المسح على خفيه إلى ظهر اليوم التالي إن كان مقيماً، وإن كان مسافراً إلى ظهر اليوم الرابع. ويراجع فتوى: "مدة المسح على الخفين، وهل يشترط في الخفين أن يكونا من جلد".
أمَّا مَن نزع خفَّيه أو جوربَيْه أو استبدلهما، فقال بعض أهل العلم: ينتقض مسحه ولا ينتقض وضوؤه؛ فلا يجوز لمن خلع خفه ثم لبسه أو استبدله أن يمسح عليه بل يجب عليه أن يتوضأ ويغسل رجليه، كما جاء في فتوى الشيخ العثيمين: "خلع الخف أو الجورب هل ينقض الوضوء والمسح عليهما" المنشورة على هذا الموقع.
وقال علماء آخرون: ينتقض وضوؤه؛ لأن الوضوء بطل في بعض الأعضاء، فيبطل في جميعها كما لو أحدث، وهذا هو الأحوط، وهو الذي أفتت به اللجنة الدائمة في فتواها المنشورة في هذا الموقع بعنوان: "خلع الخف هل ينقض الوضوء".
- التصنيف:
- المصدر: