أخي على علاقة بفتاة، فكيف أخلصه منها؟

منذ 2014-03-09
السؤال:

نحن عائلة مَنَّ الله علينا بالالتزام بأخلاق الإسلام وعباداته وقد اجتهد والدُنا في تربيتنا وتهذيبنا، لي أخٌ يصغرني بسنة، مجتهدٌ وخلوقٌ، وناشطٌ في العمل الطلابي الملتزم في الجامعة, وأخي مع مجموعةٍ مِن أصدقائه الملتزمين خُلُقيًّا ودينيًّا أنشؤُوا مجموعة في الكلية لمساعدة طلبة السنة الأولى, وهدفهم رضا الله، ونَفْعُ الناس، ولا نزكي على الله أحدًا.

اكتشفتُ العام الماضي أنه على اتِّصالٍ بفتاةٍ وكان كلُّ الكلام في الدراسة، فأحسنتُ النيةَ، ثمَّ اكتشفتُ العديد مِن المراسَلات على هاتفِه مع هذه الفتاة خارجَ إطار الدراسة, فلم أواجهه، بل كنتُ أتكلم معه بشكلٍ عام عن حدود العَلَاقَةِ مع الطالبات، وأن نتقيَ الله فيهنَّ.

ثم رأيتُه جالسًا مع فتاة في الجامعة يتحدثان، واكتشفتُ أنها الفتاة نفسها؛ فما كان مني إلا أن حدَّثته على الهاتف، وطلبتُ منه أن يلاقيني بسرعة في مكان معينٍ، فأتى سريعًا، وقلتُ له فقط: اتَّقِ الله!

أخبرتُ والدتي بالأمر، فأوْكَلَتْ لي الأمر، ولم تُحَدِّثه في شيءٍ، ثم كلمتُه ونصحتُه، فقَبِل النُّصح، وأكَّد لي أنه سيقطع علاقته بها. رأتْ أمي بنفسها بعد نُصحي له بأسابيع رسائل حبٍّ وغرام بين الاثنين، فأخبرتني بذلك، فجلستُ معه وكلمته، ثم سحبنا منه الهاتفَ؛ حتى يتَّعِظ، وبعد شهر أعدناه له بعدما رأيناه اهتدى، لكن للأسف بعدها وجدناه عاد إليها، وكأن شيئًا لم يكنْ!

الإجابة:

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ وَمَن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فَشَكَرَ اللهُ لك -أيها الأخ الكريم- ذلك الاهتمامَ البالغ بأخيك، وحِرْصَكَ عليه، وغيرَتَكَ على انتهاك حدود الله تعالى، وأسأل العلي الأعلى أن يُطَهِّرَ قلبه، وأن يعيذه مِن شر سمعه، ومن شر بصره، ومِن شر لسانه، ومن شر قلبه، ومِن شر مَنيِّه، آمين.

والفألُ الحسنُ -في رسالتك- الذي يجعلُنا نأمُلُ خيرًا أَن يُطَهِّرَ اللهُ قلب أخيك هو اهتمام الأسرة ككلٍّ بأمر أخيك؛ نسأل الله أن يُقِرَّ عينَكُمْ بصلاحه، وأن يُلهمكم السداد.

وبعد: فلعلَّكَ بعد تلك الخبرات الدعَوية مع شقيقك، قد أدركتَ أنَّ الشابَّ في هذه السن وفي تلك الفتنة –خصوصًا- يحتاج لأُسْلُوبِ الحوار الذي اتبعتَه معه، مع البُعد عن الشدة التي تأتي بالعناد، ولكن أنبِّهُك على أمر آخر جَلَلٍ؛ لتتمكن مِن مُواجهة تلك الفتنة المسلَّطَةِ عليه، وتتمكن من ترويض نفسه، وهو أمر الصبر، وبغير حَدٍّ، وبغير توقيتٍ، ولِتُدْرِكَ ما أقولُ تَأَمَّلْ في آي القرآن وما قصه الله علينا عن أنبيائه، وما واجهوا به أقوامهم متسلِّحين بالصبر الجميل وبعزيمةٍ لا تنقطع أبدًا، مهما وَاجَهْتَ، فكذلك أنتَ وأسرتك جميعًا -مع أخيك- لا تَيْئَسُوا مِن صلاحِه، مهما تأخَّرَتِ الهدايةُ، ومهما تاب، ثم رجع، وكلما سُدَّ أمامك طريقٌ، فاسلك غيره، ولا تستسلم للفشل أبدًا، ولا تَدَعِ الريادةَ لتلك الفتاة المستهترة التي أخذت الطريق على أخيك، وجاءته كالشيطانة من أطرقه كلها؛ فكأني بها لا تَدَعُهُ يلتفتُ يَمْنَةً ولا يَسْرةً إلا وَجَدَهَا بوجهها الكالح، فلا يَكُنْ أتباعُ الرُّسُلِ أقلَّ جَلَدًا منها.

فلا تتوقفوا عن دعوته لله، وإلى الله بالحق الذي تعرفه ويعرفه هو أيضًا؛ فنحن دعاةٌ إلى الحقِّ، لا نسكُت عن الدعوة به وإليه، ولا نترك المعركة، ولا ننزوي بالحق الذي نعرفه، ولكن نهدي به غيرنا، ونقود مَنْ حولنا مِن الضالين عن الحق، أعلم أن الأمر شاقٌّ، وأنك ستُواجه جُهُودًا من الشرِّ لا تَكَلُّ ولا تَنْقَطِعُ، فلا تَنقطِعْ أنت أيضًا، تَسَلَّحْ بالافتقار إلى الله، والتوكُّل عليه، وطلب المدد، والنصرة من الكبير المتعال، فأنتَ في معركةٍ حقيقية مع أَشَرِّ صُوَرِ جاهليةِ القرن الواحد والعشرين، وهي معركةُ إغراق أبنائنا -فلذات أكبادنا وإخواننا- في وحل الجنس، كي لا يفيق؛ ليستمع إلى هدى، أو يفيء إلى دِينٍ!

إنها معركةٌ حقيقيةٌ بين الحقِّ والباطل، ولكن اللهَ غَالِبٌ على أمرِه، فطبيعةُ الدين الظاهرة الصُّلبة صامدةٌ أمام الباطل، وأهل الحق القائمون عليه ما تزال أقدامُهم صامدةً أمام قوى الانحراف الخلقي؛ فأي جُهد مُضنٍ، وعناءٍ مُرهقٍ، وصبرٍ جميلٍ، وإصرارٍ كريمٍ تبذلُهُ لهداية أخيك الجامحِ، فهو يَستحِقُّه، واقرأْ سورةَ نوحٍ بتدبُّرٍ؛ وأنت تدرِكُ حقيقةَ ما أقوله، وكذلك انظر في سيرة سيد الخلْقِ -صلى الله عليه وسلم- تَعْلَمْ أنَّ توبةَ العبدِ وعودَتَهُ إلى الله حقيقةٌ أكبرُ مِن وجودِ الإنسان ذاتِهِ تَسْتَحِقُّ أن يُبْذَلَ لها الغالي والنفيسُ من الأعمارِ والطاقاتِ.

- أكْثِرْ مِن الدعاء له، وصدق اللُّجْءِ إلى مُصَرِّفِ القلوب -سبحانه- أن يَصْرِفَ عنه السُّوءَ وأهلَهُ، وأن يَصْرِفَ قلبَه إلى طاعته سبحانه.
- أَشْرِكْ معك غيرك مِن أهل الخير في هذه المعركة، وشجِّعِ الشبابَ الصالحين على الاقترابِ منه، وصادقْهُ واقترب منه أكثرَ وأكثرَ، كُلَّمَا أنستَ منه تَحَسُّنًا ولو طفيفًا، وأثنِ عليه، وعلى إيجابياته.
- حَذِّرْهُ مِن العَبَثِ بأعراض الناس، وخوفه مِن رب الناس الذي يستُر على الإنسان، فَإِذا تَمَادى فَضَحَهُ وَخَذَلَهُ.
- إشاعةُ رُوحِ الطَّاعَةِ في المنزل.
- اتَّصِلْ بتلك الفتاةِ، وانصَحْهَا، وبيِّنْ لها المصيرَ المظلمَ لتلك العَلَاقة، وإن كانت ترجو الزواج بأخيكَ، فَأَخْبِرْهَا بأن مَن تَسَلَّى مع فَتاةٍ وعبث بها، فلا يتزوجُها، إِلَّا إن كان ديوثًا، وكذلك عَاوِد الاتِّصالَ بأُسْرَتِهَا؛ فقد يكونُ في أحدهِمْ خيرٌ، فيأخذ على يَدَيْهَا.

ونسأل الله الهداية لجميع المسلمين.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 1
  • 0
  • 2,944

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً