اشتراط المرأة في عقد زواجها أن لا يتزوج عليها بأخرى

منذ 2014-03-25
السؤال:

هل يجوز للمرأة أن تشترط في عقد زواجها أن لا يتزوج زوجها عليها وما الحكم لو حصل هذا الشرط وقبل به الزوج عند العقد ثم ندم على ذلك بعد مدة فهل عليه الوفاء بالشرط المذكور أم لا؟

 

الإجابة:

اتفق أهل العلم على وجوب الوفاء بالشروط التي يقتضيها عقد الزواج كالإنفاق على الزوجة مثلاً.

واختلفوا في الشروط التي لا تنافي مقتضى عقد الزواج ولا تخل بمقصوده الأصلي كالشرط المذكور في السؤال.

والذي أختاره في هذه المسألة أنه يجوز للمرأة أن تشترط في عقد زواجها أن لا يتزوج زوجها عليها وأنه يلزم الزوج الوفاء بهذا الشرط ما دام أنه قبل به عند عقد الزواج وهذا قول الحنابلة في هذه المسألة.

قال الشيخ ابن قدامة المقدسي عند حديثه على الشروط في النكاح: [ما يلزم الوفاء به وهو ما يعود إليها نفعه وفائدته مثل أن يشترط لها أن لا يخرجها من دارها أو بلدها ولا يسافر بها أو لا يتزوج عليها… فهذا يلزمه الوفاء لها به فإن لم يفعل فلها فسخ النكاح يروى هذا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسعد بن أبي وقاص ومعاوية وعمرو بن العاص رضي الله عنهم وبه قال شريح وعمر بن عبد العزيز وجابر بن زيد وطاووس والأوزاعي وإسحاق] المغني 7/93.

ومما يدل لهذا القول عموم النصوص الشرعية الآمرة بالوفاء بالعهد كقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} [سورة المائدة آية 1].

ومما يدل عليه أيضاً ما جاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج»  (رواه البخاري ومسلم).

وقال الإمام البخاري في صحيحه: [باب الشروط في النكاح وقال عمر: مقاطع الحقوق عند الشروط. وقال المسور بن مخرمة: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ذكر صهراً له فأثنى عليه في مصاهرته فأحسن، قال: حدثني فصدقني ووعدني فوفى لي]. 

وقال الحافظ ابن حجر عن أثر عمر بأنه قد وصله سعيد بن منصور في سننه. صحيح البخاري مع شرحه فتح الباري 11/124. وقد صحح الشيخ الألباني أثر عمر المذكور.

ومما يدل لهذا القول ما جاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «المسلمون على شروطهم إلا شرطاً أحل حراماً أو حرم حلالاً»  (رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح).

وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية المعمول به في المحاكم الشرعية عندنا بقول الحنابلة في هذه المسألة فقد جاء في المادة 19 من القانون المذكور ما يلي: [إذا شرط في العقد شرط نافع لأحد الطرفين ولم يكن منافياً لمقاصد الزواج ولم يلتزم فيه بما هو محظور شرعاً وسجل في وثيقة العقد وجبت مراعاته وفقاً لما يلي:

1. إذا اشترطت الزوجة على زوجها شرطاً تتحقق به مصلحة غير محظورة شرعاً ولا يمس حق الغير كأن تشترط عليه أن لا يخرجها من يلدها أو لا يتزوج عليها أو أن يجعل أمرها بيدها تطلق نفسها إذا شاءت أو أن يسكنها في بلد معين كان الشرط صحيحاً وملزماً فإن لم يف به الزوج فسخ العقد بطلب الزوجة ولها مطالبته بسائر حقوقها الزوجية … الخ].

وبناءاً على ما سبق أقول بأنه يجب على الزوج الوفاء بالشرط المذكور ما دام أنه قبل به ابتداءً وعليه الالتزام بذلك.

ولكني أنصح المقبلين على الزواج أن لا يقبلوا بهذا الشرط ابتداءً فلا ينبغي للرجل أن يقبل أن يشرط عليه في عقد الزواج أن لا يتزوج عليها. لأنه لا يدري ماذا يحصل معه في مستقبل أيامه فقد تمرض زوجته مرضاً يمنع استمرار الحياة الزوجية بالشكل المطلوب كأن تصاب بمرض مزمن أو معد أو قد تصيبها أمور أخرى أو قد تقع العداوة والبغضاء بينهما ولا يستطيع تطليقها لسبب ما فإنه حينئذ يستطيع أن يتزوج عليها ثانية فإن كان قد شرط على نفسه ألا يتزوج عليها فقد قطع الطريق على نفسه. 

حسام الدين عفانه

دكتوراه فقه وأصول بتقدير جيد جداً، من كلية الشريعة جامعة أم القرى بالسعودية سنة 1985م.

  • 8
  • 2
  • 24,238

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً