ختان الطبيبة للطفل الذكر
هل يجوز لطبيبةٍ أن تقوم بعمليَّة الختان لطفْلٍ بدل الطَّبيب؟
لمزيد من التَّوضيح: الطَّبيبة من العائلة؛ ونظرًا لظُروف مادِّيَّة ضعيفة عرضت الطَّبيبة على صاحب الأمر بأن تقوم هي بعمليَّة الختان لهذا الطفل دون مقابل، فهل هذا جائز شرعًا؟ أرجو إفادتي؛ فالموضوع مهم ومستعجل.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا مانعَ شرعًا من إجْراء الطَّبيبات لعمليَّة الختان للأطْفال الصِّغار، ما لَم يصِلوا إلى الوقْت الذي يُؤْمَرون فيه بالصَّلاة، وهو ما فوْقَ سبْع سنين، فللمرأةِ النَّظر إلى جَميع بدَن الطِّفْل قبل هذا السن، ومعلومٌ أنَّ عمليَّات الختان للذكور عادةً تُجرى في الأسابيع الأولى من الولادة، وعمومًا فالولد لا عورةَ له قبْل بلوغ سبْع سنين.
وقدِ اختلف الفُقهاء في عوْرة الصِّغار، فذهب الحنفيَّة إلى أنَّه لا عوْرَةَ للصَّغير والصَّغيرة جدًّا، وحدَّد بعضُهم هذا الصغر بأرْبع سنوات فما دونَها، ثُمَّ إلى عشْر سنين يُعْتَبر في عورتِه ما غلظ من الكبير، وتكون عورتُه بعد العشْر كعورة البالغين، ونقل ابنُ عابدين في "ردِّ المحتار على الدُّر المختار": أنَّه ينبغي اعتِبار السَّبع، لأمْرِهِما بالصَّلاة إذا بلغا هذه السِّن.
قال السرخسي - الحنفي -: "فلا بأسَ بالنَّظر إلى العورة لأجْل الضَّرورة، فمن ذلك أنَّ الخاتِن ينظر إلى ذلك الموضع، والخاتنة كذلك تنظر".
وحدَّه المالكيَّة بابن ثمان سنواتٍ فأقلَّ، لا عورة له، فلِلْمرأة أن تنظُر إلى جَميع بدنِه حيًّا، وأن تغسِّله ميتًا، ولها النَّظر إلى جَميع بدن مَن هو بين التَّاسعةِ والثانيةَ عشرةَ؛ ولكن ليْس لها غسله، والبالغ ثلاثَ عشرةَ سنةً فما فوقُ عورتُه كعورة الرَّجل.
والأصحُّ عند الشَّافعيَّة: حلُّ النَّظر إلى صغيرةٍ لا تُشْتَهى؛ لأنَّها ليستْ مظنَّة الشَّهوة، إلا الفرْج فلا يحل النَّظر إليْه، وفرج الصَّغير كفرج الصَّغيرة على المعتمد، واستثنى ابن القطَّان الأمَّ زمنَ الرضاع والتَّربية للضَّرورة، وينبغي أن تكونَ المُرْضِعة غير الأمِّ كالأم.
وذهب الحنابلةُ إلى أنَّ الطِّفل الَّذي هو أقلُّ من سبْعِ سنين لا عورةَ له، فيجوز النَّظر إلى جَميع بدنِه ومسُّه، إلى ما قبل تِسْع سنين، فإن كان ذَكَرًا، فعوْرتُه القُبُل والدُّبر في الصَّلاة وخارجها.
وممَّا سبق يتبيَّن أنَّ مذهب أكثرِ أهل العِلْم أنَّ طفل ما دون السَّابعة لا عوْرة له، وهو الرَّاجِح، ويؤيِّده حديثُ عمرو بن سلمة: أنَّه "كان يؤمُّ قومَه وهو ابْنُ سبْعِ سنين أو ثمان سنين، وعليه بردة صغيرة، فكان إذا سجد تقلَّصتْ عنْه، فقالتِ امرأةٌ من الحيِّ: ألا تغطُّون عنَّا اسْتَ قارئِكم"؛ رواه البخاري.
وعليه؛ فيجوزُ للطَّبيبة أن تُجري عمليَّة الختان للأطْفال الذُّكور، ما لم يصلوا للحد المذكور.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: