حكم إفطار أول أيام رمضان لمن لم تظهر عندهم الرؤية
كان هناك اختلاف في بلدي حول أول أيام رمضان، فالنظام يقول عن هذا اليوم إنه ليس من رمضان، والمعارضة تقول إن رمضان ليس بهذا اليوم. فقلت في نفسي أصوم احتياطاً، ولكن أبي عبر عن انزعاجه من كل من يصوم هذا اليوم، فخفت من أن أتسحر وقلت أصوم من غير سحور، ثم قلت لعل أبي كان محقا، لأنه يوم مختلف فيه وبالتالي لا يجب صيامه. فقررت الإفطار. ثم بعد فترة رأيت أن أصومه بعد ما تحدثت مع أحد أصدقائي بأنه طالما البلاد المجاورة تصومه، فبإمكاني صيامه. فقررت الصيام، ثم قلت كيف أصوم وقررت الإفطار، فأكلت ثم تحدث خطيب الجمعة عن أن هذا اليوم من رمضان، ثم قررت الإمساك عن الطعام لآخر النهار ثم أصوم يوما عوضا عنه، ولكنني أخاف أن يكون لأبي تأثير علي بأن قررت الإفطار أول الأمر، كما أنني قد أكلت بناء على أنني في أول الأمر قد قررت الإفطار، وكنت حينما آكل شاكا في احتمالية أنه علي أن أصوم، وبالتالي فإنني أخشى أن يكون إفطاري متعمدا، كذلك في رمضان الفائت كنت أوسوس في الوضوء والاغتسال، فيدخل الماء في أذني بالرغم من توقّعي بأنه سيدخل، فأذكر مرة أنني أعدت الوضوء لشكي فيه. وحينما أردت مسح الأذن قلت في نفسي سأقوم بإدخال الماء في أذني حتى لو أدى هذا إلى إفطاري، بالرغم من أن الوضوء لا يتطلب إدخال الماء في الأذن ولكنني كنت معتادا على ذلك، وكذلك حصل معي نفس الأمر عند غسل الجمعة، وربما تكرر معي هذا أربع أو خمس مرات لا أعلم كم مرة. فهل أصوم شهرين بدل كل يوم من تلك الأيام، أعلم أن صيام شهرين لمن يجامع امرأته، ولكن قد يكون كذلك أيضاً لمن يفطر عمداً حسب المذهب المالكي وفقاً لما قرأت، كما أنّه وإن كان صيام الدهر لا يكفيني بدل يوم أفطره عمدا في نهار رمضان، ولكن صيام شهرين أفضل من أن لا أصوم شيئا. وأليس من الأحوط أن أصوم بدل تلك الأيام مخافة أن تكون تلك الأيام إفطاراً متعمداً، وكم أصوم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فاعلم أولا أن العلماء مختلفون فيما إذا رؤي الهلال في بلد هل يلزم جميع الناس الصوم والفطر أو لا؟
والمفتى به عندنا أن اختلاف المطالع بين البلدان معتبر، فإن كانت بلدك تعتمد الرؤية الشرعية للهلال، فلا يجب عليكم الصوم برؤية الهلال في بلد آخر إذا اختلفت المطالع، ومن ثم فلا يجب على من أفطر هذا اليوم قضاء.
ولكن الذي يظهر أنك كنت تأخذ بقول من يرى أن رؤية الهلال في بلد تلزم من في غيره من البلاد، وقد اختلف العلماء في الانتقال من مذهب لآخر بعد العمل بالأول.
ومن ثم فالأحوط بلا شك أن تقضي هذا اليوم بكل حال لما ذكر، وأما إن كان الاعتماد في بلدك على مجرد الحساب، فالواجب العمل بأقرب رؤية شرعية للهلال إليكم. فإن كان قد ثبت دخول الشهر شرعا ولم تكن صمت، أو كنت أكلت في أول اليوم ثم أمسكت بقية يومك، فعليك قضاء هذا اليوم، ولا يجب عليك شيء زائد على القضاء.
وأما دخول الماء إلى باطن أذنك إن تحققت ذلك، ففي الفطر به خلاف بين أهل العلم، والظاهر من حالك أنك مصاب بالوسوسة. ومن ثم فنرى لك أن تأخذ بأخف الأقوال ريثما يعافيك الله تعالى كما نفتي به في حق الموسوس، ومن ثم فلا يلزمك القضاء لما ذكر، وحيث إنك مصاب بشيء من الوسوسة، فننصحك بالإعراض عن الوساوس وتجاهلها، فإن الاسترسال مع الوساوس يفضي إلى شر عظيم.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: