فصل في وجوب الإيمان بما أخبر به الرسول عن ربه
منذ 2006-12-01
السؤال: فصل في وجوب الإيمان بما أخبر به الرسول عن ربه
الإجابة: القاعدة الثانية:
أن ما أخبر به الرسول عن ربه، فإنه يجب الإيمان به سواء عرفنا معناه، أو لم نعرف، لأنه الصادق المصدوق، فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به، وإن لم يفهم معناه، وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها، مع أن هذا الباب يوجد عامته منصوصًا في الكتاب والسنة، متفق عليه بين سلف الأمة، وما تنازع فيه المتأخرون نفيًا وإثباتًا، فليس على أحد بل ولا له أن يوافق أحدًا على إثبات لفظه أو نفيه؛ حتى يعرف مراده فإن أراد حقًا قبل، وإن أراد باطلًا رد، وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقًا، ولم يرد جميع معناه، بل يوقف اللفظ، ويفسر المعنى، كما تنازع الناس في الجهة والتحيز وغير ذلك، فلفظ الجهة قد يراد به شيء موجود غير الله، فيكون مخلوقا، كما إذا أريد بالجهة نفس العرش، أو نفس السموات، وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى، كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم، ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه، كما فيه إثبات العلو، والاستواء، والفوقية، والعروج إليه، ونحو ذلك. وقد علم أن ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق مباين للمخلوق سبحانه وتعالى، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته.
فيقال لمن نفي الجهة: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلًا في المخلوقات أم تريد بالجهة ما وراء العالم؟ فلا ريب أن الله فوق العالم مباين للمخلوقات، وكذلك يقال لمن قال الله: في جهة أتريد بذلك أن الله فوق العالم؟ أو تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات؟
فإن أردت الأول فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل وكذلك لفظ التحيز: أن أراد به أن الله تحوزه المخلوقات فالله أعظم وأكبر، بل قد وسع كرسيه السموات والأرض وقد قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67].
وقد ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وفي حديث آخر وفي حديث ابن عباس وإن أراد به أنه منحاز عن المخلوقات، أي مباين لها منفصل عنها ليس حالًا فيها، فهو سبحانه كما قال أئمة السنة: فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الثالث (العقيدة)
أن ما أخبر به الرسول عن ربه، فإنه يجب الإيمان به سواء عرفنا معناه، أو لم نعرف، لأنه الصادق المصدوق، فما جاء في الكتاب والسنة وجب على كل مؤمن الإيمان به، وإن لم يفهم معناه، وكذلك ما ثبت باتفاق سلف الأمة وأئمتها، مع أن هذا الباب يوجد عامته منصوصًا في الكتاب والسنة، متفق عليه بين سلف الأمة، وما تنازع فيه المتأخرون نفيًا وإثباتًا، فليس على أحد بل ولا له أن يوافق أحدًا على إثبات لفظه أو نفيه؛ حتى يعرف مراده فإن أراد حقًا قبل، وإن أراد باطلًا رد، وإن اشتمل كلامه على حق وباطل لم يقبل مطلقًا، ولم يرد جميع معناه، بل يوقف اللفظ، ويفسر المعنى، كما تنازع الناس في الجهة والتحيز وغير ذلك، فلفظ الجهة قد يراد به شيء موجود غير الله، فيكون مخلوقا، كما إذا أريد بالجهة نفس العرش، أو نفس السموات، وقد يراد به ما ليس بموجود غير الله تعالى، كما إذا أريد بالجهة ما فوق العالم، ومعلوم أنه ليس في النص إثبات لفظ الجهة ولا نفيه، كما فيه إثبات العلو، والاستواء، والفوقية، والعروج إليه، ونحو ذلك. وقد علم أن ما ثم موجود إلا الخالق والمخلوق، والخالق مباين للمخلوق سبحانه وتعالى، ليس في مخلوقاته شيء من ذاته، ولا في ذاته شيء من مخلوقاته.
فيقال لمن نفي الجهة: أتريد بالجهة أنها شيء موجود مخلوق؟ فالله ليس داخلًا في المخلوقات أم تريد بالجهة ما وراء العالم؟ فلا ريب أن الله فوق العالم مباين للمخلوقات، وكذلك يقال لمن قال الله: في جهة أتريد بذلك أن الله فوق العالم؟ أو تريد به أن الله داخل في شيء من المخلوقات؟
فإن أردت الأول فهو حق وإن أردت الثاني فهو باطل وكذلك لفظ التحيز: أن أراد به أن الله تحوزه المخلوقات فالله أعظم وأكبر، بل قد وسع كرسيه السموات والأرض وقد قال الله تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ} [الزمر: 67].
وقد ثبت في الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال وفي حديث آخر وفي حديث ابن عباس وإن أراد به أنه منحاز عن المخلوقات، أي مباين لها منفصل عنها ليس حالًا فيها، فهو سبحانه كما قال أئمة السنة: فوق سمواته على عرشه بائن من خلقه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مصدر الفتوى: مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الثالث (العقيدة)
- التصنيف: