طرق كثيرة لنصرة دين الله
أرى وأسمع مشاهد قتل المسلمين واحتلال بلادهم وتعذيب المسلمات في سجون بلاد الكفار وللأسف بلاد المسلمين، فأحزن حزنا شديدا وأبكي حين لا ينفع البكاء، دلوني على واجبي تجاه نصرتهم، علما بأني مهندس ميكانيكي وعلى علم بصناعة محركات الطائرات والصواريخ، وتأخذني الغيرة بأن سأصنع صواريخ أو طائرات ثم أقول إن هذا صعب ويحتاج إلى أموال ومصانع، وأجهزة الأعداء قد تكشف ذلك، فألغي هذه الفكرة تماما، فهل هذا دليل على ضعف الهمة؟ أم هو الواقع؟ وهل آخذ ثوابا إن نويت أن أتعلم هذا العلم بهذه النية؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فقد سبق أن ذكرنا بعض الطرق لنصرة المسلمين المستضعفين في فتاوى سابقة.
ومن رزقه الله علما في صناعة من الصناعات العسكرية، أو المدنية فليستعن بالله وليبذل طاقته وعلمه فيما ينفع الإسلام والمسلمين، فإن الله عز وجل أمر بإعداد القوة المرهبة للأعداء والصارفة لهم عن الاعتداء، وذلك للحفاظ على حياة المسلمين من جهة، ولترهيب أعداء الإسلام فلا يفكروا في الاعتداء على المسلمين من جهة أخرى، حتى يتحقق المقصود وهو أن تكون كلمة الله تعالى هي العليا، وكلمة أعدائه هي السفلى، ودليل هذا قول الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال: 60].
وفي صحيح مسلم عن عقبة بن عامر ـ رضي الله عنه ـ قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول: « ».
قال السعدي: وأعدوا ـ لأعدائكم الكفار الساعين في هلاككم وإبطال دينكم: ما استطعتم من قوة ـ أي: كل ما تقدرون عليه من القوة العقلية، والبدنية، وأنواع الأسلحة، ونحو ذلك مما يعين على قتالهم، فدخل في ذلك أنواع الصناعات التي تعمل فيها أصناف الأسلحة والآلات من المدافع، والرشاشات، والبنادق، والطيارات الجوية، والمراكب البرية والبحرية والحصون والقلاع والخنادق، وآلات الدفاع، والرأي والسياسة التي بها يتقدم المسلمون ويندفع عنهم به شر أعدائهم، وتعلم الرمي والشجاعة والتدبير، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: « » ـ ومن ذلك: الاستعداد بالمراكب المحتاج إليها عند القتال، ولهذا قال تعالى: {ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} ـ وهذه العلة موجودة فيها في ذلك الزمان، وهي إرهاب الأعداء، والحكم يدور مع علته، فإذا كان شيء موجودا أكثر إرهابا منها كالسيارات البرية والهوائية، المعدة للقتال التي تكون النكاية فيها أشد، كانت مأمورا بالاستعداد بها، والسعي لتحصيلها حتى إنها إذا لم توجد إلا بتعلم الصناعة، وجب ذلك، لأن ما لا يتم الواجب إلا به، فهو واجب، وقوله: ترهبون به عدو الله وعدوكم ممن تعلمون أنهم أعداؤكم، وآخرين من دونهم لا تعلمونهم ممن سيقاتلونكم بعد هذا الوقت الذي يخاطبهم الله به، الله يعلمهم، فلذلك أمرهم بالاستعداد لهم، ومن أعظم ما يعين على قتالهم بذلك النفقات المالية في جهاد الكفار، ولهذا قال تعالى مرغبا في ذلك: وما تنفقوا من شيء في سبيل الله قليلا كان أو كثيرا يوف إليكم أجره يوم القيامة مضاعفا أضعافا كثيرة، حتى إن النفقة في سبيل الله، تضاعف إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وأنتم لا تظلمون أي: لا تنقصون من أجرها وثوابها شيئا. اهـ.
ومن الأشياء المهمة التي يجب أن يحرص الشباب عليها تعلم الشرع والدعوة إليه وغرس اليقين والإيمان في قلوب العباد حتى تقوى علاقتهم بالله تعالى، فيسعوا في رضاه ونيل ثوابه، وتنشط نفوسهم للجهاد في سبيله، فإن سلاحا ليس له رجال لا يفيد وحده، وإذا وجد مجاهدون مؤمنون صادقون تحصل بهم الكفاية، فإن الله تعالى سيعز بهم الأمة ويدفع بهم شر الأعداء كما حصل ببدر وبالخندق.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: