أخلاق وسلوكيات المسلمين في حربهم مع الكفار
أود أن أعرف ما هي أخلاقنا الحربية التي علمنا إياها الرسول صلى الله عليه وسلم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن الحرب المشروعة في الإسلام هي الجهاد، ومقصوده أن يكون الدين كله لله، وأن تكون كلمة الله هي العليا.
ولهذا، فإن للمسلمين أخلاقا وسلوكيات في حربهم مع الكفار، منها: أن من لم يكن من أهل المقاتلة كالنساء والصبيان والراهب والشيخ الكبير والأعمى والزمِن فلا يقتل عند جمهور العلماء؛ إلا أن يقاتل بقوله أو فعله. قال تعالى: وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ {البقرة:190} وفي السنن عنه صلى الله عليه وسلم أنه مر على امرأة مقتولة في بعض مغازيه قد وقف عليها الناس، فقال: ما كانت هذه لتقاتل. وقال صلى الله عليه وسلم لأحدهم: الحق خالدا فقل له: لا تقتل ذرية ولا عسيفا. رواه أحمد وابن ماجه. وقال صلى الله عليه وسلم: لا تقتلوا شيخا فانيا ولا طفلا صغيرا ولا امرأة. رواه أبو داود.
وذلك أن الله تعالى أباح من قتل النفوس ما يحتاج إليه في صلاح الخلق، كما قال تعالى:وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ {البقرة: 217}. أي القتل وإن كان فيه شر وفساد ففي فتنة الكفار من الشر والفساد ما هو أكبر منه.
ومن أخلاق المسلمين في حربهم مع الكفار ما رواه مالك في موطئه أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه بعث جيوشا إلى الشام، فخرج يمشي مع يزيد بن أبي سفيان -وكان أمير ربع من تلك الأرباع- ثم قال له: وإني موصيك بعشر: لا تقتلن امرأة، ولا صبيا، ولا كبيرا هرما، ولا تقطعن شجرا مثمرا، ولا تخربن عامرا، ولا تعقرن شاة ولا بعيرا إلا لمأكلة، ولا تحرقن نخلا، ولا تغرقنه، ولا تغلل، ولا تجبن. اهـ.
ومن أخلاق المسلمين في الحرب أنهم إذا أسروا من الكفار فإنهم لا يمثلون بهم، قال في شرح الموطأ: .... وأما بعد أسرهم والتمكن منهم فلا ينبغي أن يمثل بهم ولا يعبث في قتلهم، ولكن تضرب أعناقهم، إلا أن يكونوا قد فعلوا بالمسلمين على وجه التمثيل، فيعمل بهم مثله. قال تعالى: وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ {النحل: 126}.
وكذلك فإن من أخلاق المسلمين أنه إذا كان بينهم وبين الكفار عهد وهدنة وميثاق على ترك القتال فإنهم يلتزمون الوفاء بموجب العهد حتى تنتهي مدته. ولكن إذا خاف المسلمون من الكفار الخيانة ونقض العهد بأن ظهر من قرائن أحوالهم ما يدل على خيانتهم من غير تصريح منهم بالخيانة، فإن المسلمين لا يعاملونهم بالمثل، فلا يغدرون بهم، ولا ينقضون العهد معهم، بل يخبرونهم بعدم استمرار العهد بين الطرفين حتى يستوي علمهما بذلك. قال تعالى: وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ{الأنفال: 58}.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: