هل يصلي العيد مع الذين يعملون بالحساب بعدما صلاها قبل حسب الرؤية
فإذا ثبت الهلال في السماء بأن الغد شوال، لكن عموم المسلمين الذين يعتمدون على الحساب لم يزالوا صائمين ويفطرون بعد الغد، هل يجوز لي أن أصلي بهم إماما لعيد الفطر بعد الغد وليس الغد؟ وكيف إذا كان بعض المسلمين الذين يعتمدون على الرؤية يصلون العيد غدا -وأنا أرى ذلك- لكن أكون إماما في العيد مع هؤلاء الذين يرون الحساب، فما موقفي في هذا؟ هل أصلي مع أصحاب الرؤية ولا أصلي إماما مع أصحاب الحساب؟ أم يجوز لي أن أصلي العيد في كلا اليومين، علما أن العيد في إندونيسيا قد يكون في ثلاثة أيام متتالية، اليوم في مدينة كذا، وغدا في مدينة كذا، وبعد غد في مدينة كذا، حسب الطائفة التي ترى اجتهادها، أرجو منكم أن توضحوا وتفصلوا الأمر في هذا، علما أن هذا يتكرر في إندونيسيا كل سنة؟ وهل يجوز مثلا لو صلى شخص إماما وخطب العيد في اليومين، بمعنى اليوم هو يصلي إماما ويخطب مع أصحاب الرؤية، ثم غدا يصلي إماما مرة أخرى مع أصحاب الحساب؟ لأن هذا حاصل عندنا في بعض الدعاة، ارجو منكم البيان الشافي والكافي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فالواجبُ عليكم أولاً أن تحرصوا على وحدة الكلمة، واجتماع الصف، وأن تحرصوا على أن تكون هذه الوحدة على وفق ما تقتضيه أدلة الشرع امتثالاً لقوله عز وجل: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} [آل عمران:103].
فعليكم أن تبينوا للناس أن المعتبر في ثبوت الهلال هو الرؤية الشرعية، وأن ثبوت دخول الشهور وخروجها يكونُ بشهادة الشهود العدول، ولا مدخل في ذلك لحساب الحاسبين، وقد بينا دلائل هذه المسألة، وأقوال أهل العلم فيها، وأنه إجماع السلف.
ثم إذا ثبت عندك بالرؤية أن الشهر قد خرج وأن اليوم عيد، فالواجبُ عليك العمل بما دلت عليه الرؤيا، فتصلي العيد مع من يصلون في ذلك اليوم، وأما صلاتك من الغد مع الذين يعملون بالحساب فلا نرى لك هذا، لما فيه من إقرارهم على العمل بالحساب وهو باطلٌ شرعاً، ولكن إن ترتب على تركك الصلاة معهم مفسدة راجحة جاز لك أن تصلي معهم، وتكون صلاتك هذه نافلة وزيادة خير كما نص على ذلك الشافعي فيمن رأى الهلال وحده، أو رأوا الهلال فلم تُقبل شهادتهم، فإنه يستسر بالفطر ويصلي العيد وحده، ثم يخرج من الغد فيصلي العيد مع الناس. قال رحمه الله: وَلَوْ شَهِدَ شَاهِدَانِ أو أَكْثَرُ فلم يُعْرَفُوا بِعَدْلٍ أو جُرِحُوا، فَلَهُمْ أَنْ يُفْطِرُوا، وَأَحَبُّ لهم أَنْ يُصَلُّوا صَلَاةَ الْعِيدِ لِأَنْفُسِهِمْ جَمَاعَةً وفرادى مُسْتَتِرِينَ، وَنَهَيْتهمْ أَنْ يُصَلُّوهَا ظَاهِرِينَ وَإِنَّمَا أَمَرْتهمْ أَنْ يُصَلُّوا مُسْتَتِرِينَ وَنَهَيْتهمْ أَنْ يصلوها-يصلوا- ظَاهِرِينَ لِئَلَّا يُنْكَرَ عليهم وَيَطْمَعَ أَهْلُ الْفُرْقَةِ في فِرَاقِ عَوَامِّ الْمُسْلِمِينَ. قال: وَهَكَذَا لو شَهِدَ وَاحِدٌ فلم يَعْدِلْ لم يَسَعْهُ إلَّا الْفِطْرُ ويخفي فِطْرَهُ لِئَلَّا يُسِيءَ أَحَدٌ الظَّنَّ بِهِ ، ويصلي الْعِيدَ لِنَفْسِهِ ثُمَّ يَشْهَدُ بَعْدُ إنْ شَاءَ الْعِيدَ مع الْجَمَاعَةِ فَيَكُونُ نَافِلَةً خَيْرًا له.انتهى.
ولكن متى لم توجد هذه المفسدة -وهذا هو الظاهر- فإنكم تصلون العيد في يوم ثبوته بالرؤية، ولا تلتفتون إلى قول من يخالف ذلك فيعمل بالحساب.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: