كيف تصلي الجمعة إذا دخل وقت العصر أثناء الخطبة
بسم الله والحمد لله و الصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: بادئ بدء أقول لكافة العاملين على هذا الموقع، موقع الشبكة الإسلامية و خاصة مركز الفتوى: أني أشهد الله جل جلاله، و كفى به شهيدا، أني أحبكم في الله، و أسأله بمنه و كرمه أن يجمعنا تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله ، وأن يسكننا جوار نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله و سلم في الفردوس الأعلى من الجنة. و جزاكم الله كل خير على ما تقدمونه للمسلمين من توعية وعلم.
مسلم شاب عزب طبيب أقطن تونس، واختصارا لقد فشى الجهل بين العامة و الخاصة، خاصة بين أئمة المساجد و خطباء الجمعة، وهذا أمر يثير الاستغراب، ولكنه مشهور هنا في تونس فخطباء الجمعة هم من العامة الذين يفتقرون لأي تكوين علمي في مجال الشريعة وهم معدون لما يسمى بالإسلام لايت أي الإسلام الخفيف !!! نسأل الله السلامة والعافية والهداية للجميع. الكلام يطول عن تردي الوضع في تونس ولا أقول هلك الناس فرحمة الله واسعة وبوادر الصحوة الإسلامية المستوردة من الخليج ومن مصر عبر الفضائيات والشبكة العنكبوتية بدأت تقوى ولله الحمد في صفوف الشباب، الذكور منهم خاصة، رغم كيد الأعداء المتربصين. لن أطيل عليكم فبيت القصيد هو أن يوم الجمعة في تونس ليس يوم راحة - يوم الراحة هو يوم الأحد على نمط النصارى- وقد أحدثت الحكومة صلاة جمعة قبيل صلاة العصر في كثير من المساجد على غرار صلاة الجمعة في أول وقتها في مساجد أخرى بتعلة عدم تعطيل الحياة المهنية للمجتمع، ولكم فتوى في ذلك تحت رقم 31114 و لكن المصيبة في هذا الأمر هو أن كثيرا من خطباء المساجد التي تقام فيها الجمعة الثانية كما تسمى هنا، يظلون على المنابر يخطبون حتى يتموا قراءة الورقة المكتوب فيها نص الخطبة فيدخل وقت صلاة العصر و يسمع أذانه في المساجد التي أقامت صلاة الجمعة في وقتها الأول والخطيب مازال على المنبر، فيتم خطبته ثم يصلي بالناس صلاة الجمعة بعد دخول وقت العصر، و أحيانا يسمع أذان صلاة العصر بعد تكبيرة الإحرام لصلاة الجمعة و قبل إيقاع الركوع الأول وهذا أمر يحصل بكثرة في تونس، وإني أعي و أعني ما أقول، و كنت من الشاهدين على هذا الأمر في مرات لا أحصيها قبل أن يمن الله علي بسبيل التفقه في دينه. والمصيبة الأعظم هو تعنت بعض هؤلاء الخطباء في أمرهم رغم أني كنت أحد الناصحين. فمن أزرى البلايا أن تلاقي جاهلا يجهل أنه جاهل بل و يدعي في العلم فلسفة. فرجائي أن تمدوني بفتوى حول ما يقوم به هؤلاء الخطباء لأفحمهم بها لعلهم يرجعون عن غيهم وأن تبينوا لهم مدى فداحة جرمهم في حق الله جل جلاله وفي حق المسلمين وتضييعهم للأمانة؟
ورجائي أيضا أن تجيبوني عن :
حكم الصلوات التي صليت وراءهم وقد دخل وقت العصر وقبل إدراك ركعة من صلاة الجمعة؟
وعن حكم من صلى وراءهم، هل يكتب له أجر الجمعة من صلاة و دعاء و.... وحتى التبكير؟ وهل يحمل هؤلاء الخطباء وزر المصلين الذين صلوا خلفهم كاملا أم هم فيه شركاء مع تفصيل في هذه الحالات :
- في حالة ما إذا كان المصلي قد اضطر لحضور الجمعة في وقتها الثاني لأمر قاهر؟
- وفي حالة ما إذا لم يكن له عذر في ترك الجمعة في وقتها الأول سوى الجهل بالحكم و الظن بأن الأمر فيه فسحة؟
- وفي حالة تقصيره في حضور الجمعة في وقتها الأول مع العلم بالحكم؟
سأقوم بإذن الله بطبع هذه الفتوى و توزيعها حتى يستفيق هؤلاء الخطباء من ضلالتهم. فجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم وكل من ساهم في رفع الجهل عن هذه الأمة. ختاما أناشد علماء المسلمين بأن يولوا الشعب التونسي اهتماما أكثر و أكثر، وأن يعملوا على نشر العلم الشرعي في هذا البلد، وأن يكثروا النصيحة والإرشاد فالأمر خطير والخطب جلل والخرق في السفينة قد يأتي من هنا، من تونس، فإن تتركوهم و ما أرادوا يهلك الجميع وإن تأخذوا على أيديهم تنجوا وننجوا جميعا.
لا تنسونا من صالح دعائكم وأن يفرج الله عن هذا البلد، تونس، و أن يرفع عنا ما نعيشه من كرب وغم وجهل. أفتونا جزاكم الله كل خيرا وآسف على الإطالة، وأكرر حبي لكم في الله.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فنسأل الله سبحانه لنا ولكم ولسائر المسلمين الثبات على الدين والنجاة من الفتن ما ظهر منها وما بطن.
وأما عن استفسارك عن وقت صلاة الجمعة فنقول: ذهب الجمهور من أهل العلم إلى أن آخر وقت الجمعة هو دخول وقت العصر، فبمجرد دخوله تسقط الجمعة وتصلى ظهرا على خلاف بينهم، فيمن دخلت عليه صلاة العصر وهو يصلي الجمعة.
وقد أجمل ابن عبد البر المالكي هذا الخلاف في الاستذكار فقال: قال أبو حنيفة والشافعي وأصحابهما والحسن بن حي: وقت الجمعة وقت الظهر فإن فات وقت الظهر بدخول وقت العصر لم تصل الجمعة، وقال أبو حنيفة وأصحابه: إن دخل وقت العصر وقد بقي من الجمعة سجدة أو قعدة فسدت الجمعة ويستقبل، وقال الشافعي: إذا خرج الوقت قبل أن يسلم أتمها ظهرا. انتهى.
وخالف في ذلك المالكية فجعلوها مثل الظهر، وعلى ذلك فإن وقتها الاختياري عندهم ينتهي بدخول وقت العصر ووقتها الضروري لأصحاب الأعذار يمتد لغروب الشمس على خلاف في ذلك في المذهب.
جاء في التاج والإكليل: قال ابن القاسم: إن أخر الإمام صلاة الجمعة حتى دخل وقت العصر فليصل الجمعة بهم ما لم تغب الشمس وإن كان لا يدرك بعض العصر إلا بعد الغروب. انتهى.
جاء في التاج والإكليل: اختلف في آخر وقت الجمعة فقيل ما بقي للعصر ركعة إلى الغروب وهو ظاهر المدونة وسمعه عيسى وقيل ما لم تغرب الشمس. انتهى.
وعلى كل فإنه لا يجوز تأخير الجمعة حتى يدخل وقت العصر مطلقا، وعلى الأئمة والمأمومين أن يراعوا ذلك فيحرص المأمومون على صلاة الجمعة في المساجد التي تصليها أولا، ويحرص الأئمة - في المساجد التي تؤخر الجمعة - على الانتهاء من الصلاة قبل دخول وقت العصر .
فإن وجد بعض الناس الذين لهم أعذار معتبرة ولا يقدرون على صلاة الجمعة في أول وقتها فهؤلاء لا حرج عليهم حينئذ في الصلاة في المساجد التي تؤخر الجمعة ولو دخل وقت العصر اتباعا لمذهب المالكية المتبع في بلادكم.
وأما من لم يكن له عذر وأخرها متعمدا حتى دخل عليه وقت العصر، فإنها تجزئه أيضا على مذهب المالكية، لكنه إن كان عالما بعدم جواز التأخير فإنه يأثم إثما عظيما بسبب تضييع الوقتـ،، أما إن كان جاهلا فنرجو ألا يكون عليه من ذلك حرج إن شاء الله، وعليه أن ينتهي عن ذلك بمجرد علمه.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: