قام المأموم لقضاء ما فاته، فسجد إمامه للسهو
حدث لي موقف في صلاة العصر وهو أنني حضرت للصلاة مع الجماعة وقد فاتتني ركعة، أو ركعتان لا أذكر والمهم في الموضوع أن الإمام سها في الصلاة وأراد أن يسجد سجود السهو وتكاثر المسبحون فظن أنه لا يحتاج لسجود السهو فسلم وجلس فقمت لأتم صلاتي فقال أحد الجماعة للإمام: كبر واسجد سجود السهو ـ ففعل الإمام وأنا قد شرعت في إتمام صلاتي فأتممتها ولم ألتحق بالإمام بعد أن انفردت عنه في صلاتي وأتممت صلاتي وانصرفت.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن كنت لم تشعر بسجود الإمام إلا بعد استقلالك قائما فما قمت به من المضي في قضاء ما فات من الصلاة كان صوابا، لكنك مطالب بسجود السهو بعد إتمام صلاتك، لأن المسبوق مطالب بسجود سهو الإمام ولو لم يدرك موجبه، قال ابن قدامة في المغني: وإذا كان المأموم مسبوقا فسها الإمام فيما لم يدركه فيه، فعليه متابعته في السجود، سواء كان قبل السلام أو بعده، روي هذا عن عطاء، والحسن والنخعي، والشعبي، وأبي ثور وأصحاب الرأي، وقال ابن سيرين، وإسحاق: يقضي ثم يسجد، وقال مالك، والأوزاعي، والليث، والشافعي في السجود قبل السلام، كقولنا، وبعده، كقول ابن سيرين، وروي ذلك عن أحمد ذكره أبو بكر في زاد المسافر. انتهى.
لكن هذا محله ما لم يقم المأموم، فإن قام لقضاء ما عليه وسجد الإمام بعد سلامه فلا يرجع إليه بعد انتصابه قائما، فإن رجع جاز وإن شرع في القراءة حرم عليه الرجوع، بل يتم صلاته ويسجد بعد سلامه، فإن رجع عالما بحرمة ذلك بطلت صلاته، قال ابن قدامة في المغني: إذا قام المأموم لقضاء ما فاته، فسجد إمامه بعد السلام، فحكمه حكم القائم عن التشهد الأول: إن سجد إمامه قبل انتصابه قائما لزمه الرجوع، وإن انتصب قائما ولم يشرع في القراءة لم يرجع، وإن رجع جاز، وإن شرع في القراءة لم يكن له الرجوع, نص عليه أحمد، قال الأثرم: قيل لأبي عبد الله: رجل أدرك بعض الصلاة، فلما قام ليقضي، إذا على الإمام سجود سهو؟ فقال: إن كان عمل في قيامه وابتدأ في القراءة مضى، ثم سجد، قلت: فإن لم يستتم قائما؟ قال: يرجع ما لم يعمل، قيل له: قد استتم قائما؟ فقال: إذا استتم قائما، وأخذ في عمل القضاء، سجد بعدما يقضي. انتهى.
وحيث إنك قد قمت لإتمام صلاتك قبل سجود الإمام فاستمرارك في صلاتك صحيح، لكن كان عليك أن تسجد للسهو، وبما أنك لم تأت بسجود السهو فيجري عليك حكم تارك سجود السهو في آخر صلاتك، فالظاهر أن الأحوط في حقك هو أن تعيد الصلاة.
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: