ما حكم قول ”لا سمح الله” او ”لا قدر الله”؟

عبد المحسن بن عبد الله الزامل

  • التصنيفات: الذكر والدعاء -
السؤال:

ما حكم كلمات دارجة مثل: “لا سامح الله”، “لا قدر الله”، “الله لا يقوله”، ومثل هذا؟      

 

الإجابة:

هذه كلمات يكثر قولها بين الناس، وهي معانيها المقصودة من المتكلم معاني صحيحة، نفس المعاني، لكن الإشكال في اللفظ، ولهذا وقع الاختلاف فيها من جهة هل هذا اللفظ مادام أن المعنى المقصود معنى صحيح، وهو أن الإنسان يقول، “لا قدر الله”، “لا سامح الله”، وكذلك “الله لا يقول”، وما أشبه ذلك، أي الله لا يقدره وإن كانت تختلف مثل “لا قدر الله”، قد يكون أمرها أوضح، لأن ذكر التقدير فيها، وأن الله سبحانه وتعالى هو المقدر.

لكن معنى “لا سمح الله” السماح هو الإذن، يعني لا أذن في هذا، من جهة الإذن القدري، والإذن قد يكون كونيًا، فالمعنى أن يسأل الله عز وجل ألا يوقع هذا، فهو كالدعاء بذلك، ألا يقع مثل هذا الشيء، والإنسان يدعو ويسأل ربه سبحانه وتعالى أن يقدر له خير الأمور.

ولهذا في الحديث الصحيح، حديث عائشة الذي قال: «اللهم إني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، اللهم إني أسألك من خير ما سألك عبدك ونبيك، وأعوذ بك من شر ما عاذ به عبدك ونبيك، اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل، وأسألك أن تجعل كل قضاءٍ قضيته لي خيرًا» (1). أي حينما يقع القضاء يسأله أن يجعله له خيرًا، وإن كان في ظاهره عليه شيءٌ من الشدة، فهو كذلك يسأل الله سبحانه وتعالى، حينما يخشى من أمر فيه شدة ألا يقع.

وجاء في الخبر «إن الدعاء والبلاء ليلتقيان ويعتلجان في السماء إلى يوم القيامة» (2). حديث سلمان، وكذلك الإنسان معلومٌ أنه عليه أن يدعو الله عز وجل، ولا يقف عند حدٍ معين، بل يدعو ربه، ويسأل ربه، ولهذا الداعي على واحدة من ثلاث مسائل، كما أتى في الحديث الصحيح من طرق عن النبي عليه الصلاة والسلام (3)، وعلى هذا الإشكال في مسألة هذه الألفاظ، ومادام أن هذا اللفظ ليس فيه نكارة، وليس فيه غرابة، وهذه هي القاعدة في مثل هذه الألفاظ المحتملة، إذا كان ليس فيها شيء يوحش، وليس فيها أمر يستنكر، أو ليس فيها أمر مما يقع فيه شيء مما يستغرب، أو فيه مخالفة، فالأمر يظهر أنه واسع، لأنها تفسر على وجهٍ صحيح.

والعلماء دائما يقولون في مثل هذه الأمور، حينما يقول الإنسان لفظ، يستفسر عن المراد، وإن كان الأولى أن الإنسان يقصد الألفاظ الصحيحة، التي لا إشكال فيها، فإذا فسر أمرًا صحيحًا، قلنا المعنى صحيح، ثم ينظر في اللفظ، إذا لم يكن فيه شيء يخالف، فالأمر فيه واسع، وكذلك كلمة “الله لا يقوله” المعنى يظهر أن الله لا يقدره، والله عز وجل كل شيء عنده بقدر {وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ} [سورة الأحزاب: 4]. ولا يمكن يقول إنسان أن الله لا يقول هذا، فالله سبحانه وتعالى في كلامه سبحانه وتعالى وفي تقديره من الأمور ما يكون فيه شدة، ويقع بعض المصائب، لكن تكون خيرًا لأهل الإيمان، لكن هو يسأل ربه سبحانه وتعالى في ابتداء الأمر أن يجعل كل قضاءٍ قضاه له خيرًا، سواءٌ أكان قضاءً معلقًا، أو قضاءً مبرمًا واقعًا عليه.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) أحمد (25019)، وابن ماجه (3846). والحاكم وصححه، ووافقه الذهبي، 1/521.

(2) البزار كما في «كشف الأستار» (2165)، وقال ابن حجر «في تلخيص الحبير» 4/ 121 (1909): وفي إسناده زكريا بن منظور وهو متروك. وخالف الحاكم فقال  صحيح الإسناد (1814).

(3) أخرجه  البخاري في “الأدب المفرد” (710) والترمذي في (3537)، ورواه عبد الله بن أحمد في زياداته على المسند (22785)، ومن طريقه: رواه الضياء المقدسي في المختارة  (316)، ورواه الطبراني في المعجم الأوسط (147)، وفي الدعاء (86)، والبيهقي في شعب الإيمان (1131)، وأبو نعيم في حلية الأولياء 5/137.