الاعتماد على كتب المتأخرين في اللغة
أنا طالب علم وألحظ اعتماد طلاب العلم واهتمامهم بكتب المتأخرين من أهل اللغة يقابل ذلك إهمال لكتب المتقدمين فما نصيحتكم؟
لاشك أن الأصل ومعول الجميع في اللغة على الأئمة المتقدمين الذين أخذوا اللغة عن أهلها، عاشروا العرب وسكنوا معهم وعاملوهم وتلقوا اللغة عنهم ودونوها في مصنفاتهم، ثم جاء المتأخرون وجمعوا بين مصنفات المتقدمين وخرجوا بمصنفات فيها شيء من التوسع والجمع، لكن كتب المتقدمين هي الأصل والمعول عليها، فكتب المتقدمين لم تتأثر بمذاهب لا أصلية ولا فرعية، فهي على ما أثر عن العرب ينقلون اللفظ ومعناه كما هو عند العرب، لكن المشكل في المتأخرين أنهم مع محاولة الجمع بين ما جاء في كتب المتقدمين تأثروا بالمذاهب الأصلية العقدية وكذلك الفرعية، والتأثر بالمذاهب لاشك أنه يظهر أثره على المعاني الاصطلاحية، المعاني الاصطلاحية تتأثر بالمذاهب شعروا أو لم يشعروا، فإذا أردنا أن نأخذ تعريف الخمر وأخذناه من شخص تأثر بمذهب الحنفية أو مذهب الشافعية أونحو ذلك، وأيضًا مسائل الاعتقاد أُلِّف في اللغة من مبتدعة تأثروا بعقائدهم وظهر أثر ذلك سواء كان ذلك في كتب اللغة أو غريب الحديث أو في غريب القرآن كل هذا تأثر بهذه المذاهب، أما بالنسبة لما ألِّف في خدمة مذاهب معينة، المغربي الـمُطَرِّزي تأثر بمذهب أبي حنيفة وهو يشرح اصطلاحات الحنفية، وكذلك المصباح المنير رغم شهرته وتداول طلاب العلم له بكثرة وسهولة الوصول إلى معاني المفردات فيه إلا أنه تأثر بمذهب الشافعي، وهو يشرح غريب كتاب في مذهب الإمام الشافعي، أقول طالب العلم عليه أن يربأ بنفسه عن هذه الكتب التي فيها شيء من التأثر، ولا يعني هذا أنها تهمل أو وجودها مثل عدمها، فيها فوائد لكن ينتبه ويكون على حذر من الاصطلاحات التي ظهر الأثر فيها للمذاهب، فمثلاً القرء هل هو الطهر أو الحيض، هل تأخذ المعنى من المنير أو المطلع على ألفاظ المقنع هذا تأثر بمذهب الشافعي وهذا تأثر بمذهب أحمد، مثل هذا لا بد أن ينظر فيه بعين الاهتمام والعناية، لو قرأت مثلاً في الصحاح، في تهذيب اللغة للأزهري، في المحكم لابن سيده، كتب المتقدمين لاشك أنك تسلم عند الا عتماد عليها من هذا الانتقاد، وقد تقع في شيء مما لا يكون مقصدًا للشارع كل هذا بسبب الاعتماد على كتب المتأخرين هذا بالنسبة للمذاهب الفقهية فضلاً عن المذاهب الأصلية والعقدية.
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وحاليا عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
- التصنيف:
- المصدر: