كيف يؤدي الطهارة والصلاة والجبيرة في يده اليمنى؟
- التصنيفات: فقه الصلاة - فقه الطهارة -
كيف يؤدي الطهارة والصلاة والجبيرة في يده اليمنى؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.
من لا يتمكن من تحريك يده اليمنى واستعمالها في العبادة فلا بد أن يحرص على التزام الأحكام الشرعية الآتية :
أولا:
الوضوء والاغتسال الواجبين لا يسقطان عنه لكسر اليد اليمنى، إذ يمكنه استعمال اليد اليسرى والاستعانة بها في أخذ الماء وإيصاله الأعضاء الواجبة في الطهارة، ويحرص على التأني في ذلك كي يتثبت من إتمام الطهارة على وجهها.
ثانيا:
أما اليد اليمنى المكسورة المجبرة فيكفيك عند الوصول إليها في الوضوء، وعند الاغتسال أيضا أن تمسح عليها مسحا خفيفا لا يضر الجبيرة نفسها، ويكون المسح مرة واحدة لا تكرار فيه، بخلاف الغسل. وبهذا تحقق الطهارة الصحيحة إن شاء الله تعالى. مع ضرورة التنبه إلى أن الأصابع إذا كانت مكشوفة من اليد اليمنى، أو المرفق مثلا، فلا بد من غسلها، ولا يجزئ المسح إلا عن الجزء المختفي تحت الجبيرة.
يقول الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى:
"بعض الأحيان تكون الجبيرة في الكف والأصابع ظاهرة، فيلزم أن تغسل الأصابع والجبيرة تمسح عليها، كذلك في الرجل قد تكون أصابع الرجل ظاهرة، فاغسلها وامسح الجبيرة" انتهى من "اللقاء الشهري" (61/ 27، بترقيم الشاملة آليا).
ثالثا:
أما الصلاة ، فأفعال اليد اليمنى فيها تنحصر فيما يأتي:
1. رفعها عند التكبيرات الأربعة (الإحرام، والركوع، والاعتدال من الركوع، والقيام من التشهد الأوسط)
2. وضع اليمين على الشمال في القيام.
3. الهوي عليها للسجود.
4. وضعها على الفخذين في الجلوس.
5. الإشارة بالسبابة عند التشهد.
وفي جميع هذه المواضع، إما أن تحرك يدك المجبورة وتؤدي هذه الأفعال والهيئات إن تمكنت من ذلك، وهو الأولى والأفضل. فإن لم تتمكن من تحريك يدك حركة كاملة فبالقدر الذي تستطيعه، فإن عجزت عن التحريك فلا حرج عليك، وتقتصر على اليد اليسرى في كل هذه الأفعال، باستثناء الإشارة بالسبابة، فلا تكون إلا باليد اليمنى.
والدليل الشرعي على جميع ما سبق قاعدتان فقهيتان عامتان، شهدت لهما عشرات النصوص الشرعية من الكتاب والسنة الصحيحة، القاعدة الأولى: "المشقة تجلب التيسير"، ودليلها قول الله تعالى: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة:286]، والقاعدة الثانية: "الميسور لا يسقط بالمعسور"، ودليلها قول الله عز وجل: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16]، وهي قاعدةٌ عظيمةٌ يقولُ عنها العلماء: " إنّها من الأصولِ الشائعةِ التي لا تكادُ تُنْسَى ما أقيمت أصولُ الشريعة ". ينظر (الأشباه والنظائر للسيوطي:ص/293).
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
"الشريعة طافحة بأن الأفعال المأمور بها مشروطة بالاستطاعة والقدرة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمران بن حصين: « » (البخاري :1117).
وقد اتفق المسلمون على أن المصلي إذا عجز عن بعض واجباتها - كالقيام أو القراءة أو الركوع أو السجود أو ستر العورة أو استقبال القبلة أو غير ذلك - سقط عنه ما عجز عنه. وإنما يجب عليه ما إذا أراد فعله إرادة جازمة أمكنه فعله. بل مما ينبغي أن يعرف، أن الاستطاعة الشرعية المشروطة في الأمر والنهي لم يكتف الشارع فيها بمجرد المكنة ولو مع الضرر، بل متى كان العبد قادرا على الفعل مع ضرر يلحقه جُعل كالعاجز في مواضع كثيرة من الشريعة، كالتطهر بالماء، والصيام في المرض، والقيام في الصلاة، وغير ذلك، تحقيقا لقول الله تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسرَ} ولقول الله تعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيكُم فِي الدِّينِ مِن حَرَجٍ} ولقول الله تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجعَلَ عَلَيكُم مِن حَرَجٍ}. وفى الصحيح عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « »" انتهى باختصار من (مجموع الفتاوى:8/ 438 - 439).
والله تعالى أعلى وأعلم.