معرفة مسالك الترجيح في المسائل الخلافية
كيف يكون النظر في المسائل الشرعية الخلافية وما هو السبيل القويم للخلوص إلى القول الراجح ومتى يصار إلى القول المرجوح؟
أولًا ينظر في هذه المسألة وتُتصوَّر المسألة بدقة؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره ثم ينظر في أقوال العلماء في هذه المسألة، تحصر هذه الأقوال ثم ينظر في أدلة كل قول منها، ويوازن بين هذه الأدلة بعد النظر في ثبوتها على طريقة أهل العلم في قواعد التعارض والترجيح، فيحكم للقول الراجح بسبب قوة دليله بأنه هو الراجح المعمول به وما عداه يكون مرجوحًا لا يعمل به في مقابل الراجح.
يقول: ومتى يصار إلى القول المرجوح؟
يقول أهل العلم: قد يُحتاج أحيانًا إلى القول المرجوح بسبب ظرف احتيج إليه في مكان معين أو زمن معين؛ تبعًا للمصالح المترتبة عليه أو المفاسد المترتبة على مقابله، فأهل العلم أحيانًا يترجح لهم قول بدليله لكن قد يكون العمل بهذا القول الراجح في هذا الظرف المعين في هذا المكان أو في هذا الزمان بعينه غير مناسب، ولاشك أن مراعاة المصالح والمفاسد مما جاءت به الشريعة، وحينئذٍ يعاد النظر في الترجيح، فقد يكون المرجوح في زمن، راجح في زمن آخر، هذا ما أشار إليه بعض أهل العلم ولا يكون مرجوحًا إذا اقتضى النظر العمل لهذه الأساب وهذه المبررات، ولا يعني هذا أن من لا يعجبه قول من أقوال أهل العلم وهو في الحقيقة راجح على غيره من الأقوال أنّه يطبق مثل هذا الكلام عليه. ويبقى أنّ الأصل هو العمل بالراجح وترك المرجوح، وعلى نطاق ضيق جدًا كما ذكر بعض أهل العلم أنه قد يصار إلى القول المرجوح إذا ترتبت عليه المصالح أو ترتب على غيره مفاسد ولو بحسب النظر، وقد يختلف اجتهاد المجتهد لاسيما إذا لم يكن في المسألة دليل ونص صحيح صريح، بل كان مبنى الترجيح على الاجتهاد المحض فقد يترجح حينئذٍ ما يخالفه ويتغير الاجتهاد.
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وحاليا عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
- التصنيف:
- المصدر: