كيفية المدّ في "آمين"
- التصنيفات: فقه الصلاة -
ما حكم قول آمين بشكل عام؟ بمعنى ما هي الطريقة الصحيحة للقول آمين؛ أين يكون المد مثلا؟
الحمد لله
قول العبد "آمين" عقب قراءة الفاتحة، أو عقب دعاء الخطيب في خطبة الجمعة أو الاستسقاء، أو عقب القنوت: مشروع، ومعناه "اللهم استجب".
وقد قال الله تعالى لنبيه موسى عليه السلام: {قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا} [يونس:89]، قال غير واحد من السلف "دعا موسى عليه الصلاة والسلام، وأمَّن هارون عليه الصلاة والسلام" ، ينظر: (تفسير الطبري:15/186).
جاء في (الموسوعة الفقهية:1/ 111):
"التَّأْمِينُ دُعَاءٌ غَيْرُ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ، بَل مُرْتَبِطٌ بِغَيْرِهِ مِنَ الأْدْعِيَةِ، وَمِنْ أَهَمِّ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُؤَمَّنُ عَلَى الدُّعَاءِ فِيهَا:
- التَّأْمِينُ فِي الصَّلاَةِ: التَّأْمِينُ عَقِبَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَعَلَى الدُّعَاءِ فِي قُنُوتِ الصُّبْحِ وَالْوِتْرِ وَالنَّازِلَةِ.
- وَالتَّأْمِينُ خَارِجَ الصَّلاَةِ: عَقِبَ قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، وَالتَّأْمِينُ عَلَى الدُّعَاءِ فِي الْخُطْبَةِ، وَفِي الاِسْتِسْقَاءِ" انتهى بتصرف يسير.
ثانياً:
ورد في "آمين" عدة لغات، والمشهور لغتان: المد والقصر، مع تخفيف الميم فيهما، وأشهرهما وأفصحهما: المد مع التخفيف.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى:
" التَّأْمِينُ مَصْدَرُ أَمَّنَ بِالتَّشْدِيدِ، أَيْ: قَالَ آمِينَ، وَهِيَ بِالْمَدِّ وَالتَّخْفِيفِ فِي جَمِيعِ الرِّوَايَاتِ وَعَنْ جَمِيعِ الْقُرَّاءِ، وَحَكَى الْوَاحِدِيُّ عَنْ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيُّ الْإِمَالَةَ، وَفِيهَا ثَلَاثُ لُغَاتٍ أُخْرَى شَاذَّةٌ: الْقَصْرُ حَكَاهُ ثَعْلَبٌ وَأَنْشَدَ لَهُ شَاهِدًا، وَأَنْكَرَهُ اِبْنُ دَرَسْتَوَيْهِ وَطَعَنَ فِي الشَّاهِدِ بِأَنَّهُ لِضَرُورَةِ الشِّعْرِ، وَالتَّشْدِيدُ مَعَ الْمَدِّ وَالْقَصْرِ، وَخَطَّأَهُمَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ" انتهى ملخصا من (الفتح:2/262)، وينظر: (شرح النووي على مسلم:4/120)، (لسان العرب:13/26)، (الموسوعة الفقهية:1/110).
ثالثاً:
روى الترمذي (248) عَنْ وَائِلِ بْنِ حُجْرٍ، قَالَ: "سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَرَأَ: {غَيْرِ المَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ}، فَقَالَ: « »، وَمَدَّ بِهَا صَوْتَهُ".
وصححه الألباني في (صحيح أبي داود).
وعند البيهقي (2/ 83): "رَفَعَ صَوْتَهُ بِآمِينَ وَطَوَّلَ بِهَا".
فالمشروع المد في "آمين"، ونجمل أقوال العلماء في هذا المد في قولين:
أولهما: أن يمد الألف والياء دون إفراط، كأن يمدهما مداً طبيعياً، ومقداره حركتان، قال الرحيباني رحمه الله تعالى في (مطالب أولي النهى:1/431): "(وَكُرِهَ إفْرَاطٌ بِتَشْدِيدٍ وَمَدٍّ)؛ لِأَنَّهُ إخْرَاجٌ لِلْقِرَاءَةِ عَنْ مَوْضُوعِهَا" انتهى.
ثانيهما: يجوز مد الألف والياء حركتين أو أربع أو ست، فإن كلمة آمين أصلها همزتان، حققت الأولى منها وأبدلت الثانية منها ألفا مديَّة، فصارت ما يعرف بمد البدل، ويمد بمقدار حركتين عند حفص، وبمقدار حركتين أو أربع أو ست في رواية ورش عن نافع.
والياء ساكنة مدية، بعدها حرف يوقف عليه وهو النون، فصار مدها ما يعرف بالمد العارض للسكون، ويمد بمقدار حركتين أو أربع أو ست.
قال القاري رحمه الله تعالى:
"(قَالَ: آمِينَ ، يَمُدُّ بِهَا) أَيْ: بِالْكَلِمَةِ يَعْنِي فِي آخِرِهَا، وَهُوَ مَدٌّ عَارِضٌ، وَيَجُوزُ فِيهِ الطُّولُ وَالتَّوَسُّطُ وَالْقَصْرُ، أَوْ مَدٌّ بِأَلْفِهَا، فَإِنَّهُ يَجُوزُ قَصْرُهَا وَمَدُّهَا، وَهُوَ مَدُّ الْبَدَلِ، وَيَجُوزُ فِيهِ الْأَوْجُهُ الثَّلَاثَةُ أَيْضًا".
انتهى من (مرقاة المفاتيح:2/696).
والأمر في هذا واسع، إن شاء الله؛ مع أنه ـ في الصلاة ـ ينبغي مراعاة موافقة الإمام في التأمين في الفاتحة؛ لما روى البخاري(780)، ومسلم(410) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنه: أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: « ».
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: "يكون تأمين الإمام والمأموم في آن واحد، لقول النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم: « » (متفق عليه) " انتهى من (مجموع فتاوى ورسائل العثيمين:13/ 116).
والله تعالى أعلى وأعلم.