موهبة شيخ الإسلام وسرعته في الكتابة والتأليف
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
- التصنيفات: طلب العلم -
ذكرتم في شريط لكم بعنوان الهمة في طلب العلم أن شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- ألَّف الحموية بين الظهر والعصر وأنا سمعت أنها الواسطية فهل أيضًا الحموية ألَّفها بين الظهر والعصر؟
ذكر من ترجم لشيخ الإسلام لا سيما من تلاميذه كابن عبدالهادي وغيره أنه -رحمه الله- ألَّف الحموية بين الظهر والعصر، وذكروا أنه كتب الواسطية في ليلة، وكتب السياسة الشرعية في ليلة، وهو -رحمه الله- أعطي السرعة في الكتابة مع سيلان الذهن، فيكتب الكتاب الكبير في وقت يسير والفتوى الكيلانية كتبها -رحمه الله- وصاحبها مستوفزٌ يريدها، ونحن الواحد منا إذا أراد تحرير مسألة احتاج إلى وقت طويل في النظر في المصادر والمراجع، ثم بعد ذلك كتابة المسألة تسويدًا ابتدائيًا ثم بعد ذلك ينقحها ويحررها ويبيضها فتحتاج إلى وقت طويل في مسألة واحدة قد تحرر في صفحة، مع أن شيخ الإسلام -رحمه الله- قد أوتي من المحفوظ وأعطي من الفهم ما يعينه على كتابة الصفحات الكثيرة في الوقت اليسير، بل كتب المجلدات الكثيرة -رحمه الله- وهو في السجن وليس عنده مراجع وليس عنده ما يكتب به إنما يستغل بعض الأدوات من فحم ونحوه، المقصود أنّه في مثل هذه الحالة لو وجد في عصرنا أو وجد في ظرفنا تذرع وتعذر بأنه لا يستطيع أن يفعل شيئًا لعدم وجود الإمكانات وعدم كذا، لكنها الإعانة الربانية كتب -رحمه الله- ما يكتبه غيره في عقود كثيرة وتجده يكتب الكتاب في اليوم واليومين والثلاثة مما يحتاج إليه في أشهر، وألّف بعض الكتب في السفر، وابن القيم ألَّف أيضًا زاد المعاد في السفر، والحافظ ابن حجر ألَّف النخبة في حال السفر من غير مراجع، كل هذا لأن علومهم حاضرة في أذهانهم لا يحتاجون إلى مراجع فمن رزقه الله -جل وعلا- الحافظة القوية مع قوة الفهم فإنه لا يصعب عليه أن يكتب ما يكتب في وقت يسير والله المستعان.