حكم ضم الأوراق النقدية للذهب أو الفضة في تكميل النصاب
- التصنيفات: فقه الزكاة -
رجل عنده مبلغ من المال لم يبلغ النصاب، وعنده مقدار من الذهب لم يبلغ النصاب لكن إن جمعهما بلغا النصاب، فهل يجب عليه جمعهما؟ أريد الجواب بالدليل مع توضيح أقوال المذاهب.
الحمد لله سبحانه
أولاً:
الأوراق النقدية لم تكن معروفة في أزمنة الفقهاء المتقدمين؛ ولهذا لم يكن لهم رحمهم الله تعالى كلام فيها.
جاء في (أبحاث هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية:1/61):
"لم تكن الأوراق النقدية معروفة عند قدماء فقهاء الإسلام؛ لعدم تداولها في زمنهم، فلذا لم نجد منهم من تعرض لحكمها" انتهى.
لكن كان في زمانهم، الذهب والفضة وعروض التجارة، فلهذا تكلموا في حكم هذه الأشياء، وذكروا حكم ضم بعضها إلى بعض لتكميل النصاب في الزكاة.
فقد جاء في (الموسوعة الفقهية :23/268 - 269): "ذَهَبَ الْجُمْهُورُ (الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَقَوْلُ الثَّوْرِيِّ وَالْأَوْزَاعِيِّ) إلَى أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ يُضَمُّ أَحَدُهُمَا إلَى الْآخَرِ فِي تَكْمِيلِ النِّصَابِ، فَلَوْ كَانَ عِنْدَهُ خَمْسَةَ عَشَرَ مِثْقَالًا مِنْ الذَّهَبِ، وَمِائَةٌ وَخَمْسُونَ دِرْهَمًا، فَعَلَيْهِ الزَّكَاةُ فِيهِمَا، وَكَذَا إنْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ أَحَدِهِمَا نِصَابٌ، وَمِنْ الْآخَرِ ما لا يَبْلُغُ النِّصَابَ يُزَكَّيَانِ جَمِيعًا، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ نَفْعَهُمَا مُتَّحِدٌ، مِنْ حَيْثُ إنَّهُمَا ثَمَنَانِ [أي: تثمن بها الأشياء]، وَيُتَّخَذَانِ لِلتَّحَلِّي.
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَهُوَ رِوَايَةٌ أُخْرَى عَنْ أَحْمَدَ وَقَوْلُ أَبِي عُبَيْدٍ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي ثَوْرٍ: إلَى أَنَّهُ لَا تَجِبُ فِي أَحَدِ الْجِنْسَيْنِ الزَّكَاةُ حَتَّى يَكْمُلَ وَحْدَهُ نِصَابًا؛ لِعُمُومِ حَدِيثِ: « » ..... .
أَمَّا الْعُرُوض [أي:عروض التجارة] فَتُضَمُّ قِيمَتُهَا إلَى الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ وَيَكْمُلُ بِهَا نِصَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا. قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا " انتهى.
ثانياً:
القول بضم الأوراق النقدية إلى الذهب والفضة في تكميل النصاب، هو الذي عليه قرار المجمع الفقهي التابع للرابطة، وأيضا قرار هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية، وعليه فتوى اللجنة الدائمة للإفتاء في السعودية.
فقد جاء في "قرار المجمع الفقهي التابع لرابطة العالم الإسلامي": "وجوب زكاة الأوراق النقدية إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان [الذهب والفضة] والعروض المعدة للتجارة" انتهى من ( القرار: 6، ص:101).
وجاء في "قرار هيئة كبار العلماء في السعودية" (1/88):
"وحيث إن الثمنية متحققة بوضوح في الأوراق النقدية؛ لذلك كله فإن هيئة كبار العلماء تقرر بأكثريتها: أن الورق النقدي يعتبر نقدا قائما بذاته، كقيام النقدية في الذهب والفضة وغيرها من الأثمان ... ، وأنه يترتب على ذلك الأحكام الشرعية الآتية:
... ... ...
ثانياً: وجوب زكاتها إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة إذا كانت مملوكة لأهل وجوبها" انتهى.
وجاء في (فتاوى اللجنة الدائمة - المجموعة الثانية:8/324): "ما دليل إضافة المال إلى الذهب من أجل إخراج الزكاة إذا كان الذهب وحده لا يتوفر فيه شرط النصاب، وكذلك نفس الشيء بالنسبة للمال؟
فأجابت: يجب ضم المال، سواء كان فضة أو نقدا ورقيا أو قيمة عروض تجارة إلى الذهب في تكميل النصاب؛ لأنه بمجموع المال والذهب يكمل النصاب، فوجب إخراج الزكاة، ولأن الواجب في العروض إخراج قيمته بأحد النقدين " انتهى.
وجاء في (الموسوعة الفقهية:23/269): "أَمَّا الْعُرُوض فَتُضَمُّ قِيمَتُهَا إلَى الذَّهَبِ أَوْ الْفِضَّةِ وَيَكْمُلُ بِهَا نِصَابُ كُلٍّ مِنْهُمَا. قَالَ ابْنُ قُدَامَةَ: لَا نَعْلَمُ فِي ذَلِكَ خِلَافًا. وَفِي هَذَا الْمَعْنَى الْعُمْلَةُ النَّقْدِيَّةُ الْمُتَدَاوَلَةُ" انتهى.
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى: "الزكاة تجب فيها – أي: الأوراق النقدية - إذا بلغت قيمتها أدنى النصابين من ذهب أو فضة، أو كانت تكمل النصاب مع غيرها من الأثمان والعروض المعدة للتجارة إذا كانت مملوكة لأهلها وقت وجوبها" انتهى من (مجموع فتاوى ابن باز:14/125).
والله تعالى أعلى وأعلم.