الفرق بين الشاذ والمنكر والمنقطع والمقطوع
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
- التصنيفات: مصطلح الحديث وعلومه -
ما الفرق بين الشاذ والمنكر والمنقطع والمقطوع؟
الشاذ من الحديث ما يرويه الثقة مخالفًا فيه غيره من الثقات، والمنكر ما يرويه الضعيف مخالفًا فيه الثقات، فالفرق بينهما أن راوي الشاذ ثقة وراوي المنكر ضعيف، مع وجود المخالفة فيهما، هذا على القول الذي اختاره ابن حجر وغيره من المتأخرين، ومنهم من لا يفرق بين الشاذ والمنكر فإذا وُجدت المخالفة صح أن يقال إنه شاذ كما يصح أن يقال إنه منكر ثقة كان المخلف أو ضعيفًا.
المقدم: لكن من حيث الاستدلال يا شيخ بالنسبة للشاذ؟
كلاهما من قسم الضعيف، لأن وجود المخالفة تمنع من العمل، ومن أهل العلم من يقول: من الشاذ ما هو صحيح لكنه مرجوح مادام الراوي ثقة فالخبر يوصف بأنه صحيح لكن يمنع من العمل به مخالفة من هو أوثق، وعدم العمل به لا يمنع من كونه صحيحًا، لكن الذي اختاره ابن حجر وغيره من المتأخرين أنه من قسم الضعيف، وأما المقطوع والمنقطع: فالمقطوع ما يضاف إلى التابعي كما أن المرفوع ما يضاف إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- والموقوف ما يضاف إلى الصحابي، فالمقطوع ما يضاف إلى التابعي والمنقطع ما سقط من أثناء إسناده راو واحد أو أكثر من راوي في أكثر من موضع.
المقدم: في أي مرتبة؟
في أي طبقة من طبقات الرواة، فلا يكون السقط من مبادئ الإسناد ليخرج بذلك المعلق، ولا آخره الذي هو الصحابي فيخرج بذلك المرسل، ولا من أثنائه في أكثر من راوي ليخرج المعضل، فالمنقطع ما يسقط من أثناء إسناده لا من أوله فيخرج المعلق، ولا من آخره الذي فيه الصحابي فيخرج المرسل، بواحد براوٍ واحد في موضع واحد أو في أكثر من موضع، لكن براوٍ واحد لا يكون أكثر من راوي فهذا تحديد المنقطع بدقة، كما أنه يطلق المنقطع على جميع أنواع الانقطاع في السند سواء كان من آخره، أو من أثنائه، أو من أوله، فيطلق المنقطع ويراد به المرسل، يطلق على المعلق أيضًا أنه منقطع بمعنى أنه لم يتصل إسناده، لكن الاصطلاح الخاص بالمنقطع الذي يقتضي تسمية كل نوع باسم خاص هو ما قدمناه المقطوع يطلق على المنقطع كما أن المنقطع يطلق على المقطوع، فبعض أهل العلم أطلق على المقطوع منقطع وأطلق على المنقطع مقطوع، وهذا لا يضير لكن إذا عرف المقصود بحيث لا يلتبس الأمر، فالمقطوع المضاف إلى التابعي قد يضاف إلى التابعي بسند متصل يُروى عن الحسن البصري بسند متصل، يروى عن ابن سيرين بسند متصل فهل نقول هذا متصل مقطوع أو لا يجوز ذلك؟ كما أننا نقول هذا مرفوع متصل، موقوف على الصحابي متصل إسناده، ووجدنا ما يضاف إلى التابعي كابن سيرين أو الحسن البصري أو ابن المسيب أو غيرهما إسناده متصل لكن هل نقول إنه مقطوع متصل كما نقول مرفوع متصل موقوف متصل؟ قالوا لا يطلق على المقطوع أنه متصل ولو اتصل إسناده للتنافر اللفظي بين اللفظين، فهناك تنافر بين أن تقول متصل مقطوع، تنافر لفظي، لكن إذا عرفنا أنّ هذا الإطلاق مع انفكاك الجهة، تطلق عليه مقطوعا باعتبار الإضافة، ومتصلا باعتبار عدم انقطاع إسناده فلا مانع من ذلك إذا عرف المقصود، كما أنك تقول جاء الرجل الطويل القصير، والناس ما يدرون يحصل لبس ويُظن أن ثم تناقضا أو تنافرا لكن إذا دخل شخص على مجلس وقيل جاء الطويل القصير والناس ينظرون إليه من حيث العمر طويل، تسعين سنة، مئة سنة، وقامته قصيرة يمكن أن يزول اللبس ويُفهم المقصود وحينئذٍ لا مانع من هذا الإطلاق، فالمقصود أن الإطلاق الذي يُوقع في لبس هو الذي يمنع والذي لا يوقع في لبس مع انفكاك الجهة ووضوح هذا الانفكاك فإنه لا يمنع إطلاقه وكما جاء في قوله -جل وعلا-: {كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَن تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَىٰ عَذَابِ السَّعِيرِ} [الحج: ٤] الضلال غير الهداية لكن الجهة منفكة يضله عن الصراط المستقيم ويهديه إلى صراط الجحيم والله أعلم.