بيان كيفية استنجاء النبي صلى الله عليه وسلم بالماء

منذ 2015-05-16
السؤال:

أريد أن أعرف صفة فعل النبي عليه الصلاة والسلام في الاستنجاء بالماء وخصوصاً من البول، هل ورد في السنة شيء من هذا؟ فهل كان يصب الماء أو يأخذ بيده ويمسح؟ ما هو الصحيح؟ وما هي كمية الماء المستخدمة كما فعله النبي عليه الصلاة والسلام؟ وكيف كان يطهر يده عليه الصلاة والسلام؟

الإجابة:

الحمد لله ذي الجلال والإكرام
أولا:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الإسراف في كل شيء، وكان يقتصد في الماء إذا استعمله في طهارته، ولا يسرف فيه، حتى كان يتوضأ بالمدّ كما قال أنس رضي الله تعالى عنه (مسلم:325).
والمد: ما يسع كفي ابن آدم متوسط الخِلْقة.
وكذلك فإنه صلى الله عليه وسلم كان لا يسرف في الماء حال الاستنجاء، فلا يستعمل منه فوق الحاجة، وهو القدر الذي به تزول النجاسة عن الموضع.

ثانيا:
كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا احتاج إلى الاستنجاء، أو إزالة قذر أو أذى، جعل مباشرة ذلك بيده اليسرى:
روى أبو داود (33) عَنْ أم المؤمنين عَائِشَةَ رضي الله تعالى عنها، قَالَتْ: «كَانَتْ يَدُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْيُمْنَى لِطُهُورِهِ وَطَعَامِهِ، وَكَانَتْ يَدُهُ الْيُسْرَى لِخَلَائِهِ، وَمَا كَانَ مِنْ أَذًى» وصححه الألباني في (صحيح أبي داود).
وروى البخاري (265)، ومسلم (317) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما، قَالَ: قَالَتْ مَيْمُونَةُ: «وَضَعْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَاءً يَغْتَسِلُ بِهِ، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْهِ، فَغَسَلَهُمَا مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا، ثُمَّ أَفْرَغَ بِيَمِينِهِ عَلَى شِمَالِهِ، فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأَرْضِ»، وفي رواية: «ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأَرْضِ، أَوْ بِالْحَائِطِ».

فإذا كان يمكن أن يصب من الإناء بيمينه ويغسل بيساره فعل ذلك.
روى البخاري (150)، ومسلم (271) عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله تعالى عنه، قال: «كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا خَرَجَ لِحَاجَتِهِ، أَجِيءُ أَنَا وَغُلاَمٌ، مَعَنَا إِدَاوَةٌ مِنْ مَاءٍ، يَعْنِي يَسْتَنْجِي بِهِ». 
والْإِدَاوَة: إِنَاء صَغِير من جلد يتَّخذ للْمَاء، كما في (فتح الباري لابن حجر:1/ 76).
قال ابن رجب رحمه الله تعالى:
"إذا كانَ الماء في مثل الإداوة ونحوها: يصب منه على فرجه".
انتهى من (فتح الباري لابن رجب:1/ 276).

ثالثا:
كان صلى الله عليه وسلم إذا خرج من الخلاء دلك يده بالأرض، وتقدم حديث أم المؤمنين ميمونة رضي الله تعالى عنها: «فَغَسَلَ مَذَاكِيرَهُ، ثُمَّ دَلَكَ يَدَهُ بِالأَرْضِ».
وروى النسائي (50) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله تعالى عنها: «أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ، فَلَمَّا اسْتَنْجَى دَلَكَ يَدَهُ بِالْأَرْضِ»، وحسنه الألباني في (صحيح النسائي).

وهذا الفعل واضح، مفهوم المعنى: أنه لأجل إزالة ما قد يعلق باليد من أثر الاستنجاء، من قذر، أو رائحة كريهة؛ ولهذا ترجم عليه الإمام البخاري رحمه الله تعالى: " بَابُ: مَسْحِ الْيَدِ بِالتُّرَابِ ليكُونَ أنقَى" انتهى.
قال في (عون المعبود:1/ 44): "لِتُزِيلَ الرَّائِحَةَ الْكَرِيهَةَ، إِنْ بَقِيَتْ بَعْدَ الْغَسْلِ" انتهى.

فلو غسل يديه بالصابون ونحوه مما يزيل ذلك الأثر، فهو كما لو دلكها بالأرض، بل أولى. قال النووي رحمه الله تعالى: "يُسْتَحَبُّ لَلْمُسْتَنْجِي بِالْمَاءِ إِذَا فَرَغَ أَنْ يَغْسِل يَدَهُ بِتُرَابٍ أَوْ أُشْنَانٍ أَوْ يَدْلُكُهَا بِالتُّرَابِ أَوْ بِالْحَائِطِ لِيَذْهَبَ الِاسْتِقْذَارُ مِنْهَا" انتهى من (شرح مسلم:3/231).

ثم يتوضأ صلى الله عليه وسلم وضوءه للصلاة، فيبدأ بغسل يديه ثلاثا قبل أن يدخلها في الإناء.
روى البخاري (265)، ومسلم (317) - واللفظ له - عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله تعالى عنهما قَالَ: «حَدَّثَتْنِي خَالَتِي مَيْمُونَةُ، قَالَتْ: أَدْنَيْتُ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غُسْلَهُ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ، ثُمَّ أَفْرَغَ بِهِ عَلَى فَرْجِهِ، وَغَسَلَهُ بِشِمَالِهِ، ثُمَّ ضَرَبَ بِشِمَالِهِ الْأَرْضَ، فَدَلَكَهَا دَلْكًا شَدِيدًا، ثُمَّ تَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ، ثُمَّ أَفْرَغَ عَلَى رَأْسِهِ ثَلَاثَ حَفَنَاتٍ مِلْءَ كَفِّهِ، ثُمَّ غَسَلَ سَائِرَ جَسَدِهِ، ثُمَّ تَنَحَّى عَنْ مَقَامِهِ ذَلِكَ، فَغَسَلَ رِجْلَيْهِ».
وفي رواية لمسلم: «فَغَسَلَ كَفَّيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ».

والله تعالى أعلى وأعلم.

  • 8
  • 1
  • 27,918

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً