ما ورد في شأن فضيلة النصف من شعبان
عبد الرزاق عفيفي إبراهيم بن محمد بن إبراهيم آل شيخ
- التصنيفات: ملفات شهر شعبان -
يقول بعض العلماء إنه وردت أحاديث في فضيلة نصف شعبان وصيامه وإحياء ليلة النصف منه هل هذه الأحاديث صحيحة أو لا؟ إن كان هناك صحيح فبينوه لنا بيانًا شافيًا، وإن كان غير ذلك فأرجو منكم الإِيضاح، أثابكم الله؟
وردت أحاديث صحيحة في فضيلة صوم أيام كثيرة عن شعبان إلاَّ أنها لم تخص بعضًا من أيامه دون بعض، فمنها ما في الصحيحين أن عائشة رضي الله عنها قالت: " ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر قط إلاَّ رمضان، وما رأيته في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان، فكان يصوم شعبان كله إلاَّ قليلاً"، وفي حديث أسامة بن زيد أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "لم أرك تصوم من الشهور ما تصوم من شعبان، قال: « » ( رواه الإِمام أحمد والنسائي). ولم يصح حديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يتحرى صيام يوم بعينه من شعبان، أو كان يخص أيامًا منه بالصوم، لكن وردت أحاديث ضعيفة في قيام ليلة النصف من شعبان وصيام نهارها، منها ما رواه ابن ماجه في سننه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: « »، وقد صحح ابن حبان بعض ما ورد من الأحاديث في فضل إحياء ليلة النصف من شعبان، من ذلك ما رواه في صحيحه، عن عائشة أنها قالت: " فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت فإذا هو في البقيع رافع رأسه، فقال: « » فقلت: يا رسول الله، ظننت أنك أتيت بعض نسائك، فقال: « »، وقد ضعف البخاري وغيره هذا الحديث، وأكثر العلماء يرون ضعف ما ورد في فضل ليلة النصف من شعبان وصوم يومها، وقد عرف عند علماء الحديث تساهل ابن حبان في تصحيح الأحاديث.
وبالجملة فإنه لم يصح شيء من الأحاديث التي وردت في فضيلة إحياء ليلة النصف من شعبان وصوم يومها عند المحققين من علماء الحديث؛ ولذا أنكروا قيامها وتخصيص يومها بالصيام، وقالوا: إن ذلك بدعة، وعظم جماعة من العباد تلك الليلة اعتمادًا على ما ورد من الأحاديث الضعيفة واشتهر عنهم ذلك فتابعهم عليه الناس، تحسينًا للظن بهم، بل قال بعضهم لفرط تعظيمه لليلة النصـف من شعبان: إنها الليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن، وأنها يفرق فيها كل أمر حكيم، وجعل ذلك تفسيرًا لقوله تعالى: { إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ (3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان:3-4] ، وهذا من الخطأ البيّن، ومن تحريف القرآن عن مواضعه، فإن المراد بالليلة المباركة في الآية ليلة القدر، لقوله تعالى: {إِنَّا أَنْـزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر:1] ، وليلة القدر في شهر رمضان للأحاديث الواردة في ذلك؛ لقوله تعالى: { شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْـزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ} [البقرة:185].
وبالله التوفيق. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم.