منزلة المستدرَك بين كتب السُّنة
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
من برنامج فتاوى نور على الدرب، الحلقة الثالثة والثلاثون، 21/4/1432.
- التصنيفات: الحديث وعلومه -
ما منزلة المستدرك بين كتب السنة؟
المستدرك لأبي عبدالله محمد بن عبدالله بن البَيِّع المعروف بالحاكم النيسابوري كتاب من كتب السنة المسندة الأصلية وإن كان متأخراً، في أواخر القرن الرابع وأول الخامس، هذا الكتاب كتاب كبير، ويجمع أحاديث كثيرة مما استدركه الحاكم على الصحيحين، وقال: إنه يستعين الله في إخراج أحاديث رواتها ثقات احتج بمثلها الشيخان، فالحاكم يقول في مقدمة مستدركه: وأنا أستعين الله في إخراج أحاديث رواتها ثقات، احتج بمثلها الشيخان، فالتزم أن تكون الأحاديث صحيحة مثل أحاديث الصحيحين.
وجرَت عادته أنه إذا أخرج لرواة خرَّج لهم الشيخان قال: صحيح على شرطهما، وإذا خرَّج لرواة خرَّج لهم الإمام البخاري دون مسلم قال: صحيح على شرط البخاري، وإذا خرَّج لرواة خرّج لهم الإمام مسلم في صحيحه قال: صحيح على شرط مسلم، وإذا خرّج لرواة ثقات عنده ولم يخرّج لهم أحد الشيخين قال: صحيح الإسناد فحسب، وعلى كل حال مع هذا الاشتراط ما وفَّى -رحمه الله- بما اشترط؛ ولذا وقع في مستدركه كثير من الأحاديث الضعيفة، بل فيه بعض الموضوعات، بل في بعض ما حكم بصحته ما ضعفه شديد.
وعلى كل حال الكتاب يستفاد منه، وعلى التساهل الشديد والخطو الواسع في التصحيح يُستفاد منه بعد تعريض هذه الأحاديث وهذه الأسانيد للنقد على طريقة أهل الحديث، والحافظ العراقي يقول:
وخذ زيادة الصحيح إذ تُنَصّْ *** صحته أو من مصنف يُخَصّْ
بجمعه نحو ابن حِبَّانَ الزَّكِي *** وابن خزيمة وكالمستدرك
على تساهل وقال ما انفرد *** به فذاك حسن ما لم يرد
بِعِلّة والحق أن يُحْكَمْ بما *** يليق والبُسْتِي يداني الحاكما
فذكر الحافظ العراقي أن الأحاديث الصحيحة الزائدة على الصحيحين تؤخذ من الكتب الثلاثة، وبدأ بابن حبان ثم ابن خزيمة ثم المستدرك، والأصل من حيث القوة والزمن أن يبدأ بابن خزيمة ثم ابن حبان ثم الحاكم، وهي على هذا الترتيب في القوة أمثلها ابن خزيمة ثم ابن حبان ثم الحاكم؛ ولذا قال: وعلى تساهل، (وقيل: ما انفرد به فذاك حسن ما لم يرد) (وقال) يعني: ابن الصلاح (ما انفرد به) سواء الحاكم أو ابن حبان على تساهله يعطى حكما متوسطا لا صحيح ولا ضعيف، يعطى حكم الحسن .
مقدم البرنامج: يدخل في ذلك ابن خزيمة أيضًا؟
ابن خزيمة أمثل من الاثنين، (وقال ما انفرد) ولعله يقصد بذلك الحاكم، ابن خزيمة يُرمى بالتساهل، مع أن ابن حِبّان متساهل لكنه أمثل من الحاكم، والذي دعاه إلى قوله: (وقال ابن الصلاح: ما انفرد به فذاك حسن ما لم يرد) رأيه في انقطاع التصحيح، والتضعيف يحكم عليها كلها بأنها حسنة، مع أن هذا ليس بصحيح، فيه صحيح وفيه ضعيف وفيه حسن وفيه موضوع، (والحق) يقول الحافظ: (وقال ما انفرد به فذاك حسن ما لم يرد بعلةٍ والحق أن يحكم بما يليق) يحكم على الحديث بما يليق به من صحة أو حسن أو ضعف تبعًا لصحة إسناده وسلامة متنه من الشذوذ والنكارة، (والحق أن يحكم بما يليق) يعني به من نتيجة دراسة الإسناد والنظر في المتن بما يليق به، (والبُسْتِي يداني الحاكم)، أبو حاتم ابن حِبّان البُستي في صحيحه أيضًا متساهل، لكنه يقارب الحاكم ولا يماثله، فالحاكم أشد تساهلاً منه، والبُستي أمثل منه، وابن خُزيمة أمثل منهما.