حكم من يتخذ رمضان للمأكل والمشرب
لنا جيران يكلفون أنفسهم فوق طاقتهم في إعداد موائد الإفطار، حتى أنهم يستعدون لرمضان قبله بشهور، فما نصيحتكم لهم؟
الذي يفعل ذلك يفعل في خطأ؛ لأن شهر رمضان شهر العبادة، ومن الأسباب التي جعلته شهرًا للعبادة والنور: أن فيه مضاعفة الأعمال الصالحة، وفيه فرضية الصيام وسنية القيام، والحث على قراءة القرآن والذكر والدعاء، وهي الأسباب التي تكون سببًا في العتق من النار، أما الذين يتخذون شهر رمضان موسمًا لكثرة المأكل والمشرب فما قدروا هذا الشهر حق قدره، صحيح أن الناس إذا أقبل رمضان أقبلوا على شراء الكثير من الأنواع المتنوعة من اللحوم والمآكل والمشارب والخضراوات والأطعمة والفواكه، فإذا جاء وقت الإفطار نجدهم قد حشدوا كل هذه الأنواع على الموائد، ويكثرون من الأكل طوال الليل فهؤلاء يحولون شهر رمضان إلى شهر شهوات، شهر مأكل، وهذا خلاف ما جعل عليه وما شرع من أجله، فالسلف -رحمة الله عليهم- كانوا يفطرون على العلقة من الطعام، وثبت عن النبي -صلي الله عليه وسلم- أنه كان إذا أفطر يفطر على رطبات قليلة، فإن لم يجدها فعلى تمرات، فإن لم يجدها فعلى حسوات من الماء يعني: جرعات من الماء ثم يخرج إلى الصلاة، أما الأكل بعد ذلك فهو قليل كالأسودين: التمر والماء،
وهذا هو الذي يؤثر؛ لأنه كلما كان تأثير الصيام في الصائم بالجوع والعطش كان أرق لقلبه وأقبل لدعائه، أي: أقرب إلى أنه يقبل منه، ونحن ننصح المسلم ألا يجعل شهر رمضان الكريم موسمًا للشهوات، وأن يقتصر على ما يسد رمقه؛ لئلا يخل بشيء من الأعمال والعبادات التي يعملها، ولقد ورد في كثرة الأكل آثار تدل على كراهيتها، ففي الحديث: «
» ولا شك أن الذين عودوا أنفسهم على كثرة الأكل طوال الليل، ثم كثرة النوم طوال النهار، فيكون الليل للأكل والنهار للنوم- لم يبق لديهم إلا مجرد الإمساك، فهؤلاء لا يتأثرون بفضل رمضان ولا يستغلونه وهذا خلاف ما شرع لأجله، وقد كان السلف -رحمهم الله تعالى- يقلون من الأكل في الصيام مع اشتغالهم بحرفهم وعباداتهم، فيظهر عليهم أثر الجوع الذي يضاعف معه الأجر. والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: