الشعوذة سبب الابتلاء
عندنا أخٌ كريم في البلدة وهو ملتزِم بالصَّلاة والزَّكاة ومعظم العبادات، وهو يُعاني من مرضٍ يسمَّى "Angioedema".
وحسب قول الأطبَّاء، فهذا المرَض لا يوجد له علاج.
فسؤالي هُو: هل منَ الممكِن أن يكونَ هذا الأخُ مبتلًى بالمرَض بسبَب مشاهدتِه لمشعْوِذ اسمه "أبو علي الشَّيباني"؟ وهذا الدجَّال يظهر على قناة الديار العراقية.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فقد سبق ذِكْر علامات المشعوذ في فتوى تحت عنوان: "الفرق بين المشعوذ وغيره"، فنرْجو مراجعتها.
أمَّا مشاهدة السَّحَرة والمشعْوذين في القنوات الفضائيَّة، فإنها لا تَجوز؛ لما فيها من إقْرار البَاطل، أو الرِّضا بالمنكر، فالواجب على المسلِم الإعراض عن مشاهدتِها؛ إنكارًا للمنكر، وحِمايةً لقلبِه، وقد وصف الله تعالى عبادَه المؤمنين أنَّهم: {لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً} [الفرقان: 72].
والزُّور: كلُّ باطل مزوَّر مزخْرَف، والسِّحْر من أبْطَل الباطل، واللَّغو: هُو كلُّ سقْطٍ من قوْلٍ أو فعل، فيدخُل فيه أعمال الشَّعوذة.
وقد نصَّ الشَّافعيَّة على أنَّ: كل ما حَرّمه الشرع حرُم التَّفرُّج عليْه؛ لأنَّه إعانة على المعْصية، كما في "حاشية البيجرمي على تحفة المحتاج" .
وأمَّا هل من الممْكِن أن يكون هذا الأخ مبتلًى بالمرَض بسبب مشاهدته لذلك المشعوذ؟ فلا نَستطيع الجزم بذلِك، ولكن لا شكَّ أنَّ للذنوب أثرًا كبيرًا فيما يُصيب العبد من نكبات، وقد خبَّرنا تعالى: أنَّه ما أصاب العبادَ من مصيبةٍ في أبدانِهم وأموالِهم وأولادِهم، وفيما يحبُّون، إلاَّ بسبب ما قدَّمته أيديهم من السيِّئات، وأنَّ ما يعفو اللَّه عنه أكثر؛ فقال - عزَّ وجلَّ -: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30]، وقال – سبحانه -: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرً} [النساء: 123]، وقال - جلَّ وعلا -: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7، 8]، فاللَّه تعالى لا يظْلِمُ العباد، ولكن أنفُسَهم يظلمون؛ {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45].
وفي "الصَّحيحَين" عن أبي سعيدٍ: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: « ».
قال ابنُ كثير في تفسيره: "مهْما أصابَكم - أيُّها النَّاس - من المصائِب، فإنَّما هو عن سيِّئات تقدَّمت لكم، {وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ}؛ أي: من السيِّئات، فلا يجازيكم عليْها، بل يعفو عنها؛ {وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَى ظَهْرِهَا مِنْ دَابَّةٍ} [فاطر: 45]". اهـ.
وروى الإمام أحمدُ في "المسند": أنَّ أبا بكر قال: يا رسول الله، كيف الصَّلاح بعد هذه الآية: {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}، فكُلُّ سوءٍ عملْناه جُزينا به؟ فقال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: « » قال: بلى، قال: « ».
وفي رواية عند أحمد، عن ابنِ عمر قال: سمعتُ أبا بكرٍ يقول: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: « »، وفي رواية: لمَّا نزلت، قال أبو بكر: يا رسولَ الله، جاءت قاصِمة الظَّهر، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: « ».
بل إنَّ العبد يُحْرم الرِّزق بسبب معاصيه؛ ففي الحديثِ: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال: « »؛ رواه أحمد.
فالواجب على المسلم أن يَتَجَنَّبَ المعاصي؛ حتَّى لا ينزل عليه سخَطُ الله وغَضَبُه،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: