كفارة اليمين الغموس
خالد عبد المنعم الرفاعي
- التصنيفات: النهي عن البدع والمنكرات - الأيمان والنذور -
أعلم أن كفارة اليمين من إحداها صيام 3 أيَّام، فهل يُشْتَرط فيها أن يكونوا متواصلين أو يُمْكِن أن يكونوا منفصِلين؟
دخلتُ على زوْجتي وأنا أتكلَّم في المحمول، وكنت أكلِّم امرأة أخرى، فأغلقتُ الخط معها وسألتْني زوْجتي: أنت كنت تكلِّم واحدة، أليس كذلك؟ قلت لها: لا، فقالت: وحياةِ ابنِك؟ قلت لها: لا، فلما أصرَّت ودخل معنا في الحوار والدي ووالدتي، حلفت وقلتُ كالتَّالي: "واللهِ ما كنت أكلِّم واحدة أنا كنت أكلِّم صديقًا لي".
فهل هذا اليمين له كفَّارة، وأعرف أنَّه ليس يمين لغو، أرجو توْضيح الإجابة: هل له كفَّارة أو لا؟
وجزاكم الله خيرًا.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما تقول: أنَّك حلفتَ بالله كذِبًا متعمِّدًا، فهو كبيرة من أكبر الكبائر، وهُو يسمَّى بـ"اليمين الغموس"؛ لأنَّها تغمِس صاحبَها في النَّار، ولشدَّة قُبْحِها وعظيم وِزْرِها؛ لا يرفع إثْمَها كفَّارة، بل هي أعظم من أن يكفِّرها شيء.
وفي الصَّحيحين: عن عبدالله بن عمرو قال: جاء أعرابيٌّ إلى النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - فقال: يا رسول الله، ما الكبائر؟ قال: « »، قال: ثمَّ ماذا؟ قال: « »، قال: ثمَّ ماذا؟ قال: « »، قلت: وما اليمين الغموس؟ قال: « ».
قال ابن القيِّم في "إعلام الموقّعين": "ما كان من المعاصي محرَّم الجنس؛ كالظُّلم والفواحش، فإنَّ الشَّارع لم يشرع له كفَّارة؛ ولهذا لا كفَّارة في الزِّنا وشرب الخمْر، وقذْف المحْصَنات والسَّرقة، وطرد هذا: أنَّه لا كفَّارة في قتل العمد، ولا في اليمين الغموس - كما يقولُه أحمد وأبو حنيفة ومن وافقَهما - وليس ذلك تخفيفًا عن مرتكبِهما؛ بل لأنَّ الكفَّارة لا تعمل في هذا الجِنْس من المعاصي، وإنَّما عملُها فيما كان مباحًا في الأصل وحرِّم لعارض؛ كالوطْء في الصيام والإحْرام، وطرد هذا - وهو الصحيح - وجوبُ الكفَّارة في وطْء الحائض، وهو موجب القياس لو لَم تأْتِ الشَّريعة به، فكيف وقد جاءت به مرفوعةً وموقوفةً؟! وعكس هذا الوطْء في الدُّبر ولا كفَّارة فيه، ولا يصح قياسه على الوطْء في الحيْض؛ لأنَّ هذا الجنس لَم يُبَح قطُّ ولا تعمل فيه الكفَّارة، ولو وجبت فيه الكفَّارة، لوجبت في الزِّنا واللواط بطريق الأولى، فهذه قاعدة الشَّارع في الكفَّارات، وهي في غاية المطابقة للْحكمة والمصلحة".
أمَّا كفَّارة اليمين، فقد سبق بيانُها في فتوى: "الكفارة والقضاء"، ولا يشترط فيمن كفَّر بالصيام أن تكون الأيام متتابعة،،
والله أعلم.