الفارق بين العاملين عليها والوكيل
أحبابَنا الكرام،
أعرف متبرِّعًا كلَّما أخبرتُه أن يتبرَّع فعل ذلك.
وتبرَّع (بمئات الآلاف) وهو سعودي.
فآخُذ المبلغ وأوزِّعه في فعل الخير، أُطْعِم هذا، وأكسو هذا، وأبني دارًا لهذا، وأفرِّج كربة هذا.
وهكذا كلَّما أخبرتُه تبرَّع، والحمد لله.
والسؤال: هل يَحق لي أن آخُذ من هذا المال من باب "والعاملين عليْها"؟ وكم هي النِّسبة هذه؟ كوني أنا من كلَّم المتبرِّع، وأيضًا أنا مَن وزَّع التبرُّعات.
أفيدونا رعاكم الله، ووفَّقكم لكل خير.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن كان الحال كما ذكر السَّائِل الكريم، فإنَّه لا يحلُّ له أخْذ شيء من الزَّكاة بوصْفِه عاملاً عليْها؛ لأنَّه ليس كذلك - لَم يعيَّن من قِبل وليِّ الأمر المسلِم على الزَّكاة، بِجَمعها وحفْظِها وتوزيعها ونحو ذلك - وإنَّما هو وكيل في التوْزيع عن صاحب الزَّكاة، ويَجب عليْه أن يدفَعها لمستحقِّيها، وليحتسِبِ الأجْر عند الله، فإذا كان من أحد مصارِف الزَّكاة الأخرى الواردة في الآية كالفقْر والمسكنة، جاز له أن يأخُذ منها.
قال الإمام النووي - رحمه الله - في "المجموع": "قال الشَّافعي والأصْحاب - رحِمهم الله -: إن كان مفرِّق الزَّكاة هو المالكَ أو وكيله، سقَط نصيب العامِل، ووجب صرْفها إلى الأصناف السَّبعة الباقين". اهـ.
وقال الشَّيخ ابن باز - رحِمه الله -: "الأفضل لك أن توزِّع زكاتَك في فقراء بلدك، وإذا نقلْتَها إلى بلدٍ آخَر فيها فقراء، هُم أشدّ حاجةً؛ أو لكونِهم من أقاربك وهم فقراء - فلا بأس، وإذا وكَّلت وكيلاً في توزيع الزَّكاة، فلا مانع أن تُعْطِيه أجرة من غيْر الزَّكاة؛ لأنَّ الواجب عليْك
توزيعها بين الفُقراء بنفسك، أو بوكيلك الثّقة، وعليك أجرتُه من مالك، لا من الزَّكاة". اهـ. "مجموع فتاوى ابن باز".
قال الشيخ ابن عثيمين في "مجموع فتاوى ورسائل": "ليْس هذا الوكيل من العاملين عليها ولا يستحقّ منْها؛ لأنَّ هذا وكيلٌ خاصٌّ لشخْص خاص، وهذا هو السّر - والله أعلم - في التَّعبير القرآني حيث قال: {وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 60]؛ لأن "على" تُفيد نوعًا من الولاية، كأنَّ العاملين ضُمِّنتْ معنى القائمين؛ ولهذا صار الَّذي يتولَّى صرْف الزَّكاة نيابة عن شخص معيَّن لا يُعَدُّ من العاملين عليْها، والله أعلم".
وقال في "الشَّرح الممتع على زاد المستقنع" - (ج 6/ ص 143): "فالعمل هُنا عمل ولاية، وليس عمل مصلحة؛ أي: الَّذين لهم ولاية عليْها، ينصِّبهم ولي الأمر، وهم الَّذين ترسلهم الحكومة لجمع الزَّكاة من أهلها، وصرْفها لمستحقِّيها، فهم ولاة وليْسوا أُجَراء، وإنَّما قلت هذا لأجل أن يُفْهم أن من أُعْطِي زكاة ليوزِّعها فليس من العاملين عليْها؛ بل هو وكيل عليْها أو بأجرة".
وللفائدة راجع فتوى: "حكم أخذ الوكيل من الزكاة - التي وُكِّل بصرفها - عند الحاجة"،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: