حُكْم مقولة: "واللهِ ما تشوف شر"

منذ 2015-11-08
السؤال:

ما حُكْم القول لواحد مريض: "واللهِ ما تشوف شر" بالدَّليل؟ 

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإنَّ مقولة: "والله ما تشوف شر" يَجوز أن تُقال للمريض على سبيل الدُّعاء، والتَّبشير بقدوم الخير، أو ذكر أسباب السَّلامة بتجنُّب رؤية الشَّر، لا بقصْد القسم، وتكون كقوْلِ خديجة لرسولِ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لمَّا جاءه الملَك في غار حراء، فقالت: "كلاَّ واللهِ ما يُخزيك اللهُ أبدًا"، وفي وراية: "فوالله، لا يحزنُك الله أبدًا".

فالعرب كانت تضمِّن وتدغم بعض كلامِها بما ظاهرُه خلافُ ما تقصِده، كقولهم: "لا أم له ولا أب"، و "تَرِبت يمينك"، و "يا ويله، أو ويل أمِّه"؛ كقول النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لأبي بصير: «ويل أمِّه مُسَعِّرَ حرب»، والويل: الهلكة، ومعلوم أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يُرِد الدُّعاء عليْه، وإنَّما أراد التعجُّب ووصْفه بالإقدام، وكذلك قولُه - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: «ثكِلَتْك أمُّك يا معاذ»، فلم يقصِد النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الدُّعاء عليْه بفقْد أمِّه، أو أن تفقِده أمه، فالعرب كانوا يقولون تِلك الكلِمة ولا يريدون حقيقتها.

قال الحافظ ابن حجر في
"فتح الباري": "هي كلِمة تقولُها العرب للإنكار، ولا تُريد بها حقيقتَها.

ومثلُه قول النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأم سلمة لمَّا قالتْ: يا رسول الله، وتَحتلِم المرأة؟ فقال:
«ترِبَتْ يداك، فبِمَ يُشْبِهها ولدُها؟!».

«ترِبَتْ يداك»: معناه الدُّعاء بالفقْر، أو ضعف العقْل، ومعلوم أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لم يُرِد أيًّا من هذا، قال القرطبي في "المفهم": "والصَّحيح أنَّ هذا اللفظ وشبهه يجري على ألسِنة العرب من غير قصْد الدُّعاء به، وهذا مذهب أبي عُبَيْد في هذه الكلِمات وما شابهها، وقد أحْسَن البديع في بعض رسائلِه، وأوْضَح هذا المعْنَى فقال: وقد يُوحش اللفظ وكلُّه ودٌّ، ويُكْرَه الشَّيء وليس من فعله بدٌّ، هذه العرب تقول: "لا أبا لك" للشيء إذا أهم، و "قاتله الله".

هذا؛ والأفضل والأكْمل والأوْفق للسنَّة: أن يقول المسلم للمريض ما كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم – يقوله؛ مثل ما رواه البُخاريُّ عن ابنِ عبَّاس - رضِي الله عنْهُما -: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - كان إذا دخل على مريضٍ يَعوده قال له: «لا بأس، طهورٌ إن شاء الله».

وروى أحمد وأصحاب السُّنن عنْه: أنَّ النَّبيَّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - قال:
«مَن عادَ مريضًا لَم يحضُر أجلُه، فقال عنده سبْعَ مرارٍ: أسأل الله العظيمَ ربَّ العرْش العظيم أن يَشفِيَك، إلاَّ عافاه الله من ذلك المرَض».

وروى البُخاري عن عائشة - رضِي الله عنْها -: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم - كان إذا أتى مريضًا أو أُتِي به، قال:
«أذهب الباس ربَّ النَّاس، اشف وأنتِ الشَّافي، لا شفاءَ إلاَّ شفاؤُك، شفاء لا يغادر سقمًا».

وروى أحمد وأبو داود: أنَّ ابن عمرو قال: قال النَّبيُّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم -:
«إذا جاء الرَّجُل يعود مريضًا فليقُل: اللهُمَّ اشفِ عبدَك؛ ينكأْ لك عدوًّا، أو يَمشى لك إلى جنازة - وفي رواية -: إلى صلاة»،،

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام

  • 0
  • 0
  • 5,856

هل تود تلقي التنبيهات من موقع طريق الاسلام؟

نعم أقرر لاحقاً