سُئلَ: عن رجل يحصل له ريبة في تفضيل الثلاثة على عليّ
ابن تيمية
- التصنيفات: العقيدة الإسلامية -
السؤال: سُئلَ شَيخُ الإسْلام رحمهُ اللَّهُ تَعَالَى عن رجل متمسك بالسنة
ويحصل له ريبة في تفضيل الثلاثة على عليّ، لقوله عليه السلام له فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ
أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ} الآية [آل عمران: 61]
وقوله تعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى
الْإِنسَانِ} الآية[الإنسان: 1]، وقوله:{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي
رَبِّهِمْ} الآية [الحج: 19].
، وقوله ، وقوله
وقوله ، ، وقوله ، وقوله
سبحانه: {
الإجابة: يجب أن يعلم أولًا: أن التفضيل إذا ثبت للفاضل من الخصائص ما لا
يوجد مثله للمفضول، فإذا استويا وانفرد أحدهما بخصائص كان أفضل، وأما
الأمور المشتركة فلا توجب تفضيله على غيره.
وإذا كان كذلك، ففضائل الصديق رضي اللّه عنه التي تميز بها لم يشركه فيها غيره، وفضائل عليّ مشتركة، وذلك أن قوله ، وقوله وقوله وهذا فيه ثلاث خصائص لم يشركه فيها أحد:
الأولى: أنه ليس لأحد منهم عليه في صحبته وماله مثل ما لأبي بكر.
الثانية: قوله ، وهذا تخصيص له دون سائرهم، وأراد بعض الكذابين أن يروي لعلي مثل ذلك، والصحيح لا يعارضه الموضوع.
الثالثة: قوله نص في أنه لا أحد من البشر استحق الخُلَّة لو أمكنت إلا هو، ولو كان غيره أفضل منه لكان أحق بها لو تقع.
وكذلك أمره له أن يصلي بالناس مدة مرضه من الخصائص، وكذلك تأميره له في المدينة على الحج؛ ليقيم السنة ويمحق آثار الجاهلية فإنه من خصائصه، وكذلك قوله في الحديث الصحيح وأمثال هذه الأحاديث كثيرة تبين أنه لم يكن في الصحابة من يساويه.
وأما قوله ، فقد قالها لغيره وقالها لسلمان والأشعريين.
وقال تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ} [التوبة:56]، وقوله صلى الله عليه وسلم ،، يقتضي أن من يترك هذه الكبائر يكون منا، فكل مؤمن كامل الإيمان فهو من النبي والنبي منه، وقوله في ابنة حمزة وقوله لزيد لا يختص بزيد، بل كل مواليه كذلك.
وكذلك قوله .
هو أصح حديث يروى في فضله، وزاد فيه بعض الكذابين: أنه أخذها أبو بكر وعمر فهربا، وفي الصحيح أن عمر قال: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فهذا الحديث رد على الناصبة الواقعين في على، وليس هذا من خصائصه، بل كل مؤمن كامل الإيمان يحب اللّه ورسوله، ويحبه اللّه ورسوله، قال تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54]، وهم الذين قاتلوا أهل الردة وإمامهم أبو بكر، وفي الصحيح: أنه سأله ، وهذا من خصائصه.
وأما قوله قاله في غزوة تبوك لما استخلفه على المدينة، فقيل: استخلفه لبغضه إياه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا استخلف رجلًًًًا من أمته، وكان بالمدينة رجال من المؤمنين القادرين، وفي غزوة تبوك لم يأذن لأحد فلم يتخلف أحد إلا لعذر، أو عاص.
فكان ذلك الاستخلاف ضعيفًًًًا فطعن به المنافقون بهذا السبب، فبين له: أني لم أستخلفك لنقص عندي، فإن موسى استخلف هارون وهو شريكه في الرسالة، أفما ترضى بذلك؟ ومعلوم أنه استخلف غيره قبله وكانوا منه بهذه المنزلة، فلم يكن هذا من خصائصه، ولو كان هذا الاستخلاف أفضل من غيره لم يخف على عليٍّ ولحقه يبكي.
ومما بين ذلك: أنه بعد هذا أمَّر عليه أبا بكر سنة تسع، وكونه بعثه لنبذ العهود ليس من خصائصه؛ لأن العادة لما جرت أنه لا ينبذ العهود ولا يعقدها إلا رجل من أهل بيته، فأي شخص من عترته نبذها حصل المقصود، ولكنه أفضل بني هاشم بعد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فكان أحق الناس بالتقدم من سائرهم، فلما أمَّر أبا بكر بعد قوله: (أما ترضى...إلخ)، علمنا أنه لا دلالة فيه على أنه بمنزلة هارون من كل وجه، وإنما شبهه به في الاستخلاف خاصة، وذلك ليس من خصائصه.
وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بإبراهيم وعيسى، وشبه عمر بنوح وموسى عليهم الصلاة والسلام لما أشارا في الأسرى، وهذا أعظم من تشبيه على بهارون، ولم يوجب ذلك أن يكونا بمنزلة أولئك الرسل، وتشبيه الشىء بالشىء لمشابهته في بعض الوجوه كثير في الكتاب والسنة وكلام العرب.
وأما قوله فهذا ليس في شىء من الأمهات؛ إلا في الترمذي، وليس فيه إلا: ، وأما الزيادة فليست في الحديث.
وسئل عنها الإمام أحمد فقال: زيادة كوفية، ولا ريب أنها كذب لوجوه:
أحدها: أن الحق لا يدور مع مُعَيَّن إلا النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو كان كذلك لوجب اتباعه في كل ما قال، ومعلوم أن عليًا ينازعه الصحابة وأتباعه في مسائل وجد فيها النص يوافق من نازعه؛ كالمتوفى عنها زوجها وهي حامل.
وقوله ،، خلاف الواقع، قاتل معه أقوام يوم ]صِفِّين] فما انتصروا، وأقوام لم يقاتلوا فما خذلوا [كسعد] الذي فتح العراق لم يقاتل معه، وكذلك أصحاب معاوية، وبني أمية الذين قاتلوه، فتحوا كثيرًا من بلاد الكفار ونصرهم اللّه.
وكذلك قوله مخالف لأصل الإسلام ؛ فإن القرآن قد بين أن المؤمنين إخوة مع قتالهم وبغي بعضهم على بعض.
وقوله فمن أهل الحديث من طعن فيه كالبخاري وغيره، ومنهم من حسنه، فإن كان قاله فلم يرد به ولاية مختصًا بها، بل ولاية مشتركة، وهي ولاية الإيمان التي للمؤمنين، والموالاة ضد المعاداة، ولا ريب أنه يجب موالاة المؤمنين على سواهم، ففيه رد على النواصب.
وحديث(التصدق بالخاتم في الصلاة) كذب باتفاق أهل المعرفة، وذلك مبين بوجوه كثيرة مبسوطة في غير هذا الموضع.
وأما قوله: يوم غَدِيرَخُمٍّ ، فليس من الخصائص بل هو مساو لجميع أهل البيت، وأبعد الناس عن هذه الوصية الرافضة، فإنهم يعادون العباس وذريته؛ بل يعادون جمهور أهل البيت ويعينون الكفار عليهم .
وأما آية [المباهلة] فليست من الخصائص، بل دعا عليًا وفاطمة وابنيهما، ولم يكن ذلك لأنهم أفضل الأمة، بل لأنهم أخص أهل بيته، كما في حديث الكساء .
فدعا لهم وخصهم.
و[الأنفس] يعبر عنها بالنوع الواحد، كقوله: {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا } [النور:12]، وقال: {فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } [البقرة:54] أي: يقتل بعضكم بعضًا، وقوله ليس المراد أنه من ذاته، ولاريب أنه أعظم الناس قدرًا من الأقارب، فله من مزية القرابة والإيمان ما لا يوجد لبقية القرابة فدخل في ذلك المباهلة، وذلك لا يمنع أن يكون في غير الأقارب من هو أفضل منه؛ لأن المباهلة وقعت في الأقارب، وقوله: {هَذَانِ خَصْمَانِ...} الآية[الحج:19]، فهي مشتركة بين علي، وحمزة، وعبيدة، بل وسائر البدريين يشاركونهم فيها.
وأما سورة: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} [سورة الإنسان] فمن قال: إنها نزلت فيه وفي فاطمة وابنيهما فهذا كذب؛ لأنها مكية والحسن والحسين إنما ولدا في المدينة، وبتقدير صحته فليس فيه أنه من أطعم مسكينًًًًا ويتيما وأسيرًا أفضل الصحابة، بل الآية عامة مشتركة فيمن فعل هذا، وتدل على استحقاقه للثواب على هذا العمل، مع أن غيره من الأعمال من الإيمان باللّه والصلاة في وقتها والجهاد أفضل منه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الرابع (العقيدة)
وإذا كان كذلك، ففضائل الصديق رضي اللّه عنه التي تميز بها لم يشركه فيها غيره، وفضائل عليّ مشتركة، وذلك أن قوله ، وقوله وقوله وهذا فيه ثلاث خصائص لم يشركه فيها أحد:
الأولى: أنه ليس لأحد منهم عليه في صحبته وماله مثل ما لأبي بكر.
الثانية: قوله ، وهذا تخصيص له دون سائرهم، وأراد بعض الكذابين أن يروي لعلي مثل ذلك، والصحيح لا يعارضه الموضوع.
الثالثة: قوله نص في أنه لا أحد من البشر استحق الخُلَّة لو أمكنت إلا هو، ولو كان غيره أفضل منه لكان أحق بها لو تقع.
وكذلك أمره له أن يصلي بالناس مدة مرضه من الخصائص، وكذلك تأميره له في المدينة على الحج؛ ليقيم السنة ويمحق آثار الجاهلية فإنه من خصائصه، وكذلك قوله في الحديث الصحيح وأمثال هذه الأحاديث كثيرة تبين أنه لم يكن في الصحابة من يساويه.
وأما قوله ، فقد قالها لغيره وقالها لسلمان والأشعريين.
وقال تعالى: {وَيَحْلِفُونَ بِاللّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ} [التوبة:56]، وقوله صلى الله عليه وسلم ،، يقتضي أن من يترك هذه الكبائر يكون منا، فكل مؤمن كامل الإيمان فهو من النبي والنبي منه، وقوله في ابنة حمزة وقوله لزيد لا يختص بزيد، بل كل مواليه كذلك.
وكذلك قوله .
هو أصح حديث يروى في فضله، وزاد فيه بعض الكذابين: أنه أخذها أبو بكر وعمر فهربا، وفي الصحيح أن عمر قال: ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فهذا الحديث رد على الناصبة الواقعين في على، وليس هذا من خصائصه، بل كل مؤمن كامل الإيمان يحب اللّه ورسوله، ويحبه اللّه ورسوله، قال تعالى: {فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة:54]، وهم الذين قاتلوا أهل الردة وإمامهم أبو بكر، وفي الصحيح: أنه سأله ، وهذا من خصائصه.
وأما قوله قاله في غزوة تبوك لما استخلفه على المدينة، فقيل: استخلفه لبغضه إياه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غزا استخلف رجلًًًًا من أمته، وكان بالمدينة رجال من المؤمنين القادرين، وفي غزوة تبوك لم يأذن لأحد فلم يتخلف أحد إلا لعذر، أو عاص.
فكان ذلك الاستخلاف ضعيفًًًًا فطعن به المنافقون بهذا السبب، فبين له: أني لم أستخلفك لنقص عندي، فإن موسى استخلف هارون وهو شريكه في الرسالة، أفما ترضى بذلك؟ ومعلوم أنه استخلف غيره قبله وكانوا منه بهذه المنزلة، فلم يكن هذا من خصائصه، ولو كان هذا الاستخلاف أفضل من غيره لم يخف على عليٍّ ولحقه يبكي.
ومما بين ذلك: أنه بعد هذا أمَّر عليه أبا بكر سنة تسع، وكونه بعثه لنبذ العهود ليس من خصائصه؛ لأن العادة لما جرت أنه لا ينبذ العهود ولا يعقدها إلا رجل من أهل بيته، فأي شخص من عترته نبذها حصل المقصود، ولكنه أفضل بني هاشم بعد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم فكان أحق الناس بالتقدم من سائرهم، فلما أمَّر أبا بكر بعد قوله: (أما ترضى...إلخ)، علمنا أنه لا دلالة فيه على أنه بمنزلة هارون من كل وجه، وإنما شبهه به في الاستخلاف خاصة، وذلك ليس من خصائصه.
وقد شبه النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بإبراهيم وعيسى، وشبه عمر بنوح وموسى عليهم الصلاة والسلام لما أشارا في الأسرى، وهذا أعظم من تشبيه على بهارون، ولم يوجب ذلك أن يكونا بمنزلة أولئك الرسل، وتشبيه الشىء بالشىء لمشابهته في بعض الوجوه كثير في الكتاب والسنة وكلام العرب.
وأما قوله فهذا ليس في شىء من الأمهات؛ إلا في الترمذي، وليس فيه إلا: ، وأما الزيادة فليست في الحديث.
وسئل عنها الإمام أحمد فقال: زيادة كوفية، ولا ريب أنها كذب لوجوه:
أحدها: أن الحق لا يدور مع مُعَيَّن إلا النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لو كان كذلك لوجب اتباعه في كل ما قال، ومعلوم أن عليًا ينازعه الصحابة وأتباعه في مسائل وجد فيها النص يوافق من نازعه؛ كالمتوفى عنها زوجها وهي حامل.
وقوله ،، خلاف الواقع، قاتل معه أقوام يوم ]صِفِّين] فما انتصروا، وأقوام لم يقاتلوا فما خذلوا [كسعد] الذي فتح العراق لم يقاتل معه، وكذلك أصحاب معاوية، وبني أمية الذين قاتلوه، فتحوا كثيرًا من بلاد الكفار ونصرهم اللّه.
وكذلك قوله مخالف لأصل الإسلام ؛ فإن القرآن قد بين أن المؤمنين إخوة مع قتالهم وبغي بعضهم على بعض.
وقوله فمن أهل الحديث من طعن فيه كالبخاري وغيره، ومنهم من حسنه، فإن كان قاله فلم يرد به ولاية مختصًا بها، بل ولاية مشتركة، وهي ولاية الإيمان التي للمؤمنين، والموالاة ضد المعاداة، ولا ريب أنه يجب موالاة المؤمنين على سواهم، ففيه رد على النواصب.
وحديث(التصدق بالخاتم في الصلاة) كذب باتفاق أهل المعرفة، وذلك مبين بوجوه كثيرة مبسوطة في غير هذا الموضع.
وأما قوله: يوم غَدِيرَخُمٍّ ، فليس من الخصائص بل هو مساو لجميع أهل البيت، وأبعد الناس عن هذه الوصية الرافضة، فإنهم يعادون العباس وذريته؛ بل يعادون جمهور أهل البيت ويعينون الكفار عليهم .
وأما آية [المباهلة] فليست من الخصائص، بل دعا عليًا وفاطمة وابنيهما، ولم يكن ذلك لأنهم أفضل الأمة، بل لأنهم أخص أهل بيته، كما في حديث الكساء .
فدعا لهم وخصهم.
و[الأنفس] يعبر عنها بالنوع الواحد، كقوله: {ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا } [النور:12]، وقال: {فَاقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ } [البقرة:54] أي: يقتل بعضكم بعضًا، وقوله ليس المراد أنه من ذاته، ولاريب أنه أعظم الناس قدرًا من الأقارب، فله من مزية القرابة والإيمان ما لا يوجد لبقية القرابة فدخل في ذلك المباهلة، وذلك لا يمنع أن يكون في غير الأقارب من هو أفضل منه؛ لأن المباهلة وقعت في الأقارب، وقوله: {هَذَانِ خَصْمَانِ...} الآية[الحج:19]، فهي مشتركة بين علي، وحمزة، وعبيدة، بل وسائر البدريين يشاركونهم فيها.
وأما سورة: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنسَانِ} [سورة الإنسان] فمن قال: إنها نزلت فيه وفي فاطمة وابنيهما فهذا كذب؛ لأنها مكية والحسن والحسين إنما ولدا في المدينة، وبتقدير صحته فليس فيه أنه من أطعم مسكينًًًًا ويتيما وأسيرًا أفضل الصحابة، بل الآية عامة مشتركة فيمن فعل هذا، وتدل على استحقاقه للثواب على هذا العمل، مع أن غيره من الأعمال من الإيمان باللّه والصلاة في وقتها والجهاد أفضل منه.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مجموع فتاوى شيخ الإسلام أحمد بن تيمية - المجلد الرابع (العقيدة)