حكم التلقيح ضد الأمراض
السَّلامُ عليْكُم ورَحْمة الله،
نشكرُكم على خِدْمَتِكم للدِّين الحنيف، بارك اللهُ فيكُم،
عندي شُبهةٌ فيما يُسمَّى بتلقيح الأطفال الشَّائِع اليَوم ببلَدِنا المَغرب، هل لِهذا التَّلقيح أثرٌ في الوِقاية؟ وهل يَجوزُ شرعًا؟
بارك الله فيكم.
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فالظَّاهرُ من قَوْلِ الأخِ السَّائل (تلقيح الأطفال) هو أخذُ اللّقاح الواقي منَ الأمراض، والأصْلُ فيه الإباحةُ؛ لأنَّه من جُملة الأخْذِ بالأسبابِ، وقَدْ شَرَعَ لنَا النَّبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - الوِقاية من السُّمِّ والسِّحر، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: «
»؛ متَّفق عليه، وهو نصٌّ في محل النزاع.ولأنه من جُملة التَّداوي بِالمشروع، وهو مَذهَبُ جَماهير السَّلف والخَلَف، واستَدَلُّوا بأدلَّة كثيرةٍ منها: ما رواه أسامةُ بن شَريك قال: كنتُ عند النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وجاءتِ الأعرابُ، فقالوا: يا رسول الله، أنتَدَاوى؟ فقال: « » قالوا: ما هو؟ قال: « »؛ رواهُ أحْمَدُ.
قال ابن القَيِّم: "فقدْ تضمَّنَتْ هذه الأحاديثُ إثباتَ الأسباب والمسبَّبات، وإبطالَ قوْلِ مَن أنكرها، والأمرَ بالتداوي، وأنَّه لا يُنافي التَّوكُّل، كما لا يُنافيه دَفْعُ الجوع والعَطَش والحرّ والبَرْد بأضدادِها، بل لا تَتِمُّ حقيقةُ التَّوحيد إلا بِمُباشرة الأسباب التي نصَبَها الله مقتضياتٍ لِمُسبباتِها قدرًا وشرعًا، وأنَّ تعطيلَها يقْدَحُ بِمُباشرتِه في نفس التَّوكُّل كما يقدح في الأمْرِ والحكمة، ويضعفه من حيثُ يَظُنُّ مُعَطِّلُها أنَّ ترْكَها أقوى منَ التَّوكُّل، فإنَّ تَرْكها عجْزٌ يُنافي التوكُّل الذي حقيقتُه اعتمادُ القَلْب على الله في حصول ما ينفَع العبدَ في دينه ودنياه، ودَفْعِ ما يضرُّه في دينه ودنياه، ولابدَّ مع هذا الاعتمادِ من مباشرة الأسباب وإلا كان معطِّلاً للأمْرِ والحكمة والشَّرع، فلا يَجعل العبدُ عجْزَه توكُّلاً، ولا توكُّله عجْزًا" اهـ.
وعليه؛ فيجوزُ التَّطعيمُ ضِدَّ أيِّ مرضٍ يُخشى انتشارُه أو يتوقَّع، ولا فارقَ بينَه وبينَ التَّداوي مِمَّا وقع من الأمراض، وأثر ذلك التلقيح موجود وهو من جملة ربط الأسباب بمسبباتها،،
والله أعلم.
- التصنيف:
- المصدر: