الضعف عن العبادة التي ألزم بها الإنسان نفسه
من برنامج فتاوى نور على الدرب، الحلقة الستون 14/12/1432هـ
إذا ألزم العبد نفسه بعبادة ثم ضعف عن أدائها عند كبره فكيف يصنع؟
إن كان معناه أَلزَمَ على سبيل الإيجاب بالنذر مثلاً فهذا لابد له من الوفاء إلا إذا عجز عجزًا لا يستطيع معه أن يقوم بهذه العبادة، وأمّا إذا كان من باب العمل المطَّرد كما فعل عبد الله بن عمرو بن العاص –رضي الله عنهما- في قراءة القرآن حيث كان يقرأ القرآن في ثلاث، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: « » [البخاري: 5054]، فكان يقرأ القرآن في ثلاث، وندم بعد ذلك؛ لأنَّه تعب في آخر عمره، وشق عليه أن يترك ما كان يعمله في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- [البخاري: 5052].
فمثل هذا الإلزام ليس بنذر، لكنه مع ذلك يَعجزُ عن مواصلة العمل الذي ألزم به نفسه من غير نذر، أي لا على سبيل الوجوب لكنه اعتاده، ولا شك أن ترك مثل هذا العمل المعتاد خلافًا لسنته -عليه الصلاة والسلام-، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- «
» [مسلم: 746]، و« » [البخاري: 6464]، فلا يعرِّض الإنسان نفسه لأمر لا يستطيع المداومة عليه؛ لأن عدم المداومة على العمل الصالح شبه نكوص عن الطاعة، فعلى الإنسان أن يَكْلَف من العمل ما يطيق ولا يشق على نفسه بحيث يجد نفسه في يوم من الأيام عاجزًا عن مثل هذا العمل.وإذا كان إلزامه لنفسه بالعبادة على سبيل النذر ثم لم يستطعه فإنه يكفر كفارة يمين ويتحلل منها إذا عجز، وأما إذا ألزم نفسه من غير نذر فإنه يتخوّل من الأعمال ما يطيقه ويعوِّض عن هذا النقص بقدر الإمكان.
والكلام هنا على المداومة، وأما استغلال الأوقات الفاضلة والأماكن الفاضلة والاجتهاد فيها فهذا كان دأب السلف -رحمهم الله-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ما حفظ عنه أنه قام ليلة كاملة [مسلم: 746]، لكنه في ليالي العشر من رمضان يقوم ويشد المئزر ويطوي فراشه ويعتزل أهله [البخاري: 2024].
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وحاليا عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
- التصنيف:
- المصدر: